للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٨) مأتم الأربعين والعام:

ومن البدع المستنكرة والعادات المستقبحة الاحتفال بذكرى الأربعين ومرور العام، لأنه لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا عهد الصحابة والتابعين، ولم يكن معروفا حينئذ. وفيه مفاسد دينية ودنيوية يأباها العقل والنقل. والخير في اتباع من سلف، والشر في ابتداع من خلف (١)


(١) (وقد) ورد إلى فضيلة الأستاذ الكبير الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية سابقا سؤال بشأن مأتم الأربعين. فأجاب بما نصه: يحرص كثير من الناس على إقامة مأتم ليلة الأربعين لا يختلف عن مأتم يوم الوفاة فيعلنون عنه في الصحف ويقيمون له السرادقات ويحضرون القراء وينحرون الذبائح ويفد المعزون فيشكر منهم من حضر ويلام من تخلف ولم يعتذر ويقيم السيدات بجانب ذلك مأتما آخر في ضحوة النهار للنحيب والبكاء وتجديد الأسى والعزاء. ولا سند لشيء من ذلك في الشريعة الغراء، فلم يكن من هدى النبوة ولا من عمل الصحابة ولا من المأثور عن التابعين، بل لم يكن معروفا عند جمهور المسلمين بمصر بهذه الصورة الراهنة إلى عهد غير بعيد وإنما هو أمر استحدث أخيرا ابتداعا لا اتباعا، وفيه من المضار ما يوجب النهي عنه:
(أ) فيه التزام عمل- ممن يقتدي بهم وغيرهم- ظاهرة أنه قربة وبر، حتى استقر في أذهان العامة أنه من المشروع في الدين.
(ب) وفيه إضاعة الأموال في غير وجهها المشروع، في حين أن الميت كثيرا ما يكون عليه ديون أو حقوق لله تعالى أو للعباد لا تتسع موارده للوفاء بها مع تكاليف هذا المأتم، وقد يكون الورثة في أشد الحاجة إلى هذه الأموال. ومع هذا يقيمون مأتم الأربعين استحياء من الناس ودفعا للنقد، وكثيرا ما يكون في الورقة قصر يلحقهم الضرر بتبديد أموالهم في هذه البدعة.
(جـ) وفيه مع ذكر تكرير العزاء وهو غير مشروع لحديث "التعزية مرة".
(لهذا) وغيره من المفاسد الدينية والدنيوية أهبنا بالمسلمين:
(١) أن يقلعوا عن هذه العادة الذميمة التي لا ينال الميت منها رحمة أو مشوبة، بل لا ينال الحي منها سوى المضرة إذا كان القصد مجرد التفاخر والسمعة أو دفع الملامة والمعرة.
(٢) وأن يعلموا أنه لا أصل لها في الدين. قال تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" سورة الحشر: آية ٧. (أنظر الفتوى المقيدة بسجلات إفتاء الديار المصرية رقم ٣٧٧ بتاريخ ١٤ أغسطس سنة ١٩٤٧).