من قبيل شعائر الدين وآيات اليقين توقف له الأوقاف التي يسجلها ويحكم بصحتها قضاة جاهلون ويأكل منها أدعياء العلم الضالون المضلون. وقد كان بعض الصحابة وغيرهم من علماء السلف يتركون بعض السنن أحيانا حتى لا يظن العوام أنها مفروضة بالتزامها تأسيا بالرسول صلى الله عليه وسلم في ترك المواظبة على بعض الفضائل خشية أن تصير من الفرائض. فخلف من بعدهم خلف قصروا في الفرائض وتركوا السنن والشعائر وواظبوا على هذه البدع حتى إنهم ليتركون لأجلها الأعياد والجمع.
(ومن المنكر) ما يقع من بعض من لا خلاق لهم من اعتقادهم في قبور الصالحين والأولياء وبعض الأشجار والأولياء وبعض الأشجار والأبواب أنها تنفع أو تضر أو تقرب إلى الله تعالى أو تقضي الحوائج بمجرد التشفع بها إلى الله تعالى، يطوفون بها طواف الحجاج بيت الله الحرام ويخاطبون الميت بالكلمات المكفرة كقولهم:"أقصم ظهره يا سيد وخذ عمره وتصرف فيه يا إمام، ويهتفون بأسمائهم عند الشدائد. ولكل جهة رجل ينادونه، فأهل مصر يدعون الشافعي والبدوي والبيومي. وأهل العراق والهند والشام يدعون عبد القادر الجيلي. وأهل مكة والطائف يدعون ابن عباس. وينذرون لهم النذور، ويذبحون لهم الذبائح، ويوقدون لهم السرج، ويضعون الدراهم في صناديقهم.
... ولا ريب أن هذا من أعمال الجاهلية ومخالف لدين الله تعالى ورسوله وما كان عليه سلفنا الصالح رضى الله تعالى عنهم، ولو عرف الناذر بطلان ذلك ما أخرج درهما، فإن الأموال عزيزة عند أهلها. قال تعالى: "ولا يسألكم أموالكم. إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم" (١).
... فالواجب على كل عاقل تحذير من يفعل ذلك، لأنه إضاعة للمال، ولا ينفعه ما يخرجه، ولا يدفع عنه ضررا، بل فيه المخالفة والمحاربة لله تعالى ورسوله
(١) سورة القتال: آية ٣٦ و ٣٧ (فيحفكم) أي يجهدكم ويطلب منكم كل أموالكم (ويخرج أضغانكم) أي يظهر أحقادكم.