للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلى الله عليه وسلم. ويجب رد المال إلى من أخرجه وقبضه حرام لأنه أكل مال الناذر بالباطل، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ} (١).

وفيه تقرير للناذر على قبح اعتقاده وشنيع مخالفته فهو كحلوان الكاهن ومهر البغى (٢) ولأنه تدليس من هؤلاء القوم وإيهام له أن الولي ينفعه ويضره. فأي تقرير لمنكر أشد من قبض النذر على الميت، وأي تدليس أعظم من هذا؟

... (قال) الصنعاني بعد كلام في هذا الموضوع (فإن قلت) هذا أمر عم البلاد واجتمعت عليه سكان الأرض شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، فلا بلدة ولا قرية إلا وفيها قبور ومشاهد وأحياء يعتقدون فيها ويعظمونها وينذرون لها ويهتفون بأسمائها ويحلفون بها ويطوفون بفناء القبور ويسرجونها ويلقون عليها الورد والرياحين ويلبسونها الثياب ويصنعون كل ما يقدرون عليه من العبادة لها وما في معناها من التعظيم والخشوع، بل هذه مساجد المسلمين غالبها لا يخلو عن قبر أو مشهد يقصده المصلون في أوقات الصلاة، يصنعون فيه ما ذكر أو بعضه، ولا يسع عقل عاقل أن منكرا يبلغ إلى ما ذكرت من الشناعة، ويسكت عليه علماء الإسلام.

... (قلت) إن أردت الإنصاف وتركت متابعة الأسلاف وعرفت أن الحق ما قام عليه الدليل لا ما اتفق عليه العالم جيلا بعد جيل، فاعلم أن هذه الأمور التي ندندن حولها إنكارها ونسعى في هدم منارها صادرة عن العامة الذين إسلامهم تقليد الآباء بلا دليل: ينشأ الواحد منهم فيجد أهل بلدته يلقنونه في الطفولة أن يهتف باسم من يعتقدون فيه ويراهم ينذرون له ويعظمونه ويرحلون به إلى محل قبره ويلطخونه بترابه، ويطوفون به على قبره، فينشأ وقد قر في


(١) سورة النساء: أية ٢٩ (الباطل) ما لم يبحه الشرع كالنذر لغير الله وكالغصب والقمار والرياء ونحو ذلك.
(٢) (حلوان الكاهن) ما يعطى من يدعي علم الغيب ويخبر الناس عما يقع لهم مستقبلا.