للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا، ولا يشترط في وصول الثواب الإهداء باللفظ بل يكفي نيته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الفعل عن الغير كالصوم والحج والصدقة، ولم يقل لفاعل ذلك: قل اللهم هذا عن فلان بن فلان، والله تعالى يعلم نية العبد وقصده بعمله، فإن ذكره جاز وإن ترك ذكره واكتفى بالنية وصل الثواب. ولا يحتاج أن يقول: اللهم إني صائم غدا عن فلان بن فلان.

ولهذا اشترط من اشترط نية الفعل قبل الفعل ليكون واقعا بالقصد عن الميت. فأما إذا فعله لنفسه ثم نوى أن يجعل ثوابه للغير لم يصر للغير بمجرد النية، كما لو نوى أن يهب أن يتصدق لم يحصل ذلك بمجرد النية، ولا يلزم أيضا تعليق الإهداء بأن يقول: اللهم إن كنت قبلت هذا العمل وأثبتني عليه فاجعل ثوابه لفلان: بل لا فائدة في هذا الشرط فإن الله تعالى يعطي ثوابه للمهدي إليه وإن لم يشترطه (١).

... واختلفوا أيضا في إهداء الثواب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فمنهم من لم يستحبه ورآه بدعة فإن الصحابة لم يفعلوا ذلك، وأن النبي صلى الله عليه وسلم له أجر كل من عمل خيرا من أمته من غير أن ينقص من اجر العامل شيء، لأنه هو الذي دل أمته على كل خير وأرشدهم ودعاهم إليه، ومن دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور من تبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء؛ فللنبي صلى الله عليه وسلم مثل أجر من اتبعه، أهداه إليه أم لم يهده (٢).

ومن العلماء من استحبه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحق بذلك حيث أنقذنا من الضلالة، ففي ذلك نوع شكر وإسداء جميل له والكامل قابل لزيادة


(١) انظر ص ٢٢٦ كتاب الروح.
(٢) انظر ص ٢٢*٩ منه (وقد) ذكر ابن حجر في الفتاوى الفقهية أن ابن تيمية زعم منع إهداء ثواب القراءة للنبي صلى الله عليه وسلم لأن جنابه الرفيع لا يتجرأ عليه إلا بما أذن فيه كالصلاة عليه وسؤال الوسيلة له (ورد) عليه السبكي بأن مثل هذا لا يحتاج لإذن خاص، فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يعتمر عنه صلى الله عليه وسلم بعد موته من غير وصية. وتمامه في رد المحتار ص ٦٦٥ ج ١.