للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أن الزكاة تتعلق بالنصاب والعفو على الأصح. وخرج بالهلاك ما لو استهلكه بعد الحول فلا تسقط الزكاة للتعدي. ولو منع السائمة العلف والماء حتى هلكت فهو استهلاك على الصحيح عند الحنفيين.

(وقال) الشافعي: إن هلك المال بتفريط بأن قصر في حفظه أو عرف المستحقين وأمكنه تسليمهم فأخر بلا عذر ضمن، لأنه متعد بذلك، وإن لم يفرط لم يضمن كالوكيل وناظر مال اليتيم إذا تلف في يده شيء بلا تفريط لا يضمن (١).

(والمشهور) عن أحمد أن الزكاة لا تسقط يتلف المال سواء فرط أو لم يفرط. وحكى عنه الميموني أنه إن تلف النصاب قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة وإن تلف بعده لم تسقط، لأنه مال وجب في الذمة فلم يسقط بتلف النصاب كالدين. فأما الثمرة فلا تجب زكاتها في الذمة حتى تحرز لأنها في حكم غير المقبوض. ولهذا لو تلفت كانت في ضمان البائع، وبه قال مالك، إلا في الماشية فإنه قال: لا شيء فيها حتى يجيء المصدق فإن هلكت قبل مجيئه فلا شيء عليه.

(والصحيح) أن الزكاة تسقط بتلف المال إذا لم يفرط في الأداء لأنها تجب على سبيل المواساة فلا تجب بعد تلك المال، والتفريط أن يمكنه إخراجها فلا يخرجها، فإن لم يتمكن من إخراجها فليس بمفرط، سواء أكان لعدم المستحق أو لبعد المال أو لكون المطلوب إخراجه لا يوجد في المال (٢).

(ب) وتسقط الزكاة بالردة عند الحنفيين خلافا للأئمة الثلاثة على ما تقدم في شروط افتراض الزكاة حتى لو أسلم لا يجب عليه الأداء عند الحنفيين، ويجب عند الثلاثة لأنه قادر أداء ما وجب عليه بالعود إلى الإسلام. واستدل الحنفيون بحديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم: "الإسلام يجب ما كان قبله" أخرجه الطبراني وابن سعد (٣). {٩٩}


(١) انظر ص ١٧٥ ج ٦ مجموع النووي.
(٢) انظر ص ٤٦٤ ج ٢ شرح المقنع.
(٣) انظر رقم ٣٠٦٤ ص ١٧٩ ج ٣ فيض القدير. ورقم ٢٤٣ ص ١٧ ج ١ كنز العمال.