للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(قال) أنس وابن عباس والنعمان وغيرهم: المراد بالحق هنا الزكاة المفروضة- العشر ونصف العشر- ورواه ابن وهب وابن القاسم عن مالك وبه قال بعض الشافعية. ولذا قال النعمان: تجب الزكاة في كل ما تنبت الأرض طعاما وغيره- بلا شرط نصاب- ومنه الزيتون والرمان. وإليه مال ابن العربي في أحكامه فقال: وأما أبو حنيفة فجعل الآية مرآته فأبصر الحق وعضد مذهبه وقواه (١).

(وقال) مالك: تجب الزكاة في الزيتون إن بلغ حبه نصابا وهو رواية عن


= ورقة وثمره حال مما قبله (وغير متشابه) طعمه ولو وريحه وجرمه (وءاتوا حقه) أي زكاته (وقيل) هو إطعام من حضر وترك ما قط من الزرع والثمر للفقراء (يوم حصاده) أي وقت تيسر الإخراج منه ٨ فيما لا يتوقف على تصفية كالعنب والزيتون والنخل. وأما ما لا يحتاج إلى تصفية كالحبوب فالمعنى وءاتوا حقه الذي وجب يوم حصاده بعد الدرس والتذرية.
... (هذا) وقد اختلف في الآية. أهي محكمة أم منسوخة أم محمولة على الندب؟ فذهب ابن عمر وعطاء ومجاهد والنعمان ومن وافقهم إلى أنها محكمة وأنه يجب على الزارع يوم الحصاد أن يعطي من حضر من المساكين حقهم من الزكاة. (وقال) الحسن والنخعي إنها منسوخة بالزكاة ويؤيده أن هذه الآية مكية وآية الزكاة مدنية نزلت في السنة الثانية من الهجرة وإليه ذهب الجمهور من السلف والخلف. وقال بعضهم: الآية محمولة على الندب لا على الوجوب.
... (روى) حبان الأعرج عن جابر بن زيد في قوله تعالى: "وءاتوا حقه يوم حصاده" قال: الزكاة المفروضة. أخرجه البيهقي وقال: ويذكر نحو هذا عن سعيد بن المسيب وعن محمد بن الحنفية ومالك بن أنس (وذهب) جماعة من التابعين إلى أن المراد به بغير الزكاة المفروضة.

... (روى) نافع عن ابن عم في قوله تعالى: "وءاتوا حقه يوم حصاده" قال: كانوا يعطون من اعتراهم شيئا سوى الصدقة (انظر ص ١٣٢ ج ٤ بيهقي) (وروى) سالم عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: "وءاتوا حقه يوم حصاده" قال: كان قبل الزكاة فلما نزلت الزكاة نسختها. قال فيعطي منه ضغثا (قبضة من السنبل وغيره) ويذكر عن السدى أنها مكية نسختها الزكاة (انظر ص ١٣٣ ج ٤ بيهقي).
... (وروى) جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عشرة أو سق من التمر بقنو يعلق في المسجد للمساكين. أخجه أحمد وأبو داود بسند جيد (أنظر ص ٣٠٥ ج ٩ - المنهل العذب المورود) أي أمر النبي صلى الله عليه وسلم من كل نخل يقطع من ثمره عشرة أوسق بعذق يعلق في المسجد ليأكل منه المساكين. والأمر هنا للندب عند الجمهور.
(١) انظر ص ١٠١ ج ٧ تفسير القرطبي.