وفرقوا بينهما، لأن المضمضة ثابتة بفعله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا بأمره بخلاف الاستنشاق فإنه ثابت بهما. ومجرد فعله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يفيد الوجوب (ورد) بورود الأمر بالمضمضة أيضا. ففي حديث لقيط بن صبرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا توضأت فمضمض. أخرجه أبو داود والبيهقي بسند صحيح (١)[١٦٥].
فلا وجه للتفرقة بين المضمضة والاستنشاق، وقد علمت أن الأمر بهما محمول على الندب.
٣ - (وقال) إسحاق بن راهوية: إنهما فرض في الوضوء والغسل. وهو المشهور عند أحمد لأنهما من تمام غسل الوجه، فالأمر بغسله أمر بهما (ولحديث) لقيط بن صبرة المذكور.
(والظاهر) ما ذهب إليه الجمهور من أن الأمر في هذه الأحاديث محمول على الندب (ومن المقرر) أن المواظبة لا تفيد الوجوب إلا إذا صاحبها إنكار على التارك. وهو لم يثبت هنا.
(ب) الترتيب بينهما: اتفق العلماء على أن المضمضة مقدمة على الاستنشاق. وهل هو شرط أو مستحب؟ ذهب إلى الأول أحمد وبعض الشافعية. وإلى الثاني الحنفيون ومالك والأوزاعي والثوري وغيرهم (أما) تقديمهما على غسل الوجه، فقد اتفق الأئمة الأربعة على أنه ليس بواجب، لأنهما من أجزائه (ويستحب) تقديمهما عليه لأن كل من وصف وضوء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذكر أنه بدأ بهما (وكذا) يستحب تقديمهما على سائر الأعضاء غير والوجه
(١) انظر ص ٩٢ ج ٢ - المنهل العذب (الاستنثار). وص ٥٢ ج ١ سنن البيهقي (تأكيد المضمضة والاستنشاق).