يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه" أخرجه أحمد ومسلم والنسائي (١). {
١}
والمعنى أن كل عمل ابن آدم له فيه حظ نفسي- من رياء ونحوه فهو يتعجل به ثواباً من الخلق - إلا الصيام فإنه خالص لله تعالى لا يعلم ثوابه غيره وإنما خص الصيام بنسبته إلى الله تعالى- وكل الطاعات له- لأنه لم يعبد بالصيام غير الله تعالى. فلم يعظم الكفار في زمن ما معبوداً لهم بالصيام. وقيل: لأن الصوم بعيد من الرياء لخفائه بخلاف الصلاة والحج ونحوهما.
(وعن) أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام جنة، فإذا كان أحدكم صائماً فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ قاتله
(١) (انظر ص ٢٠٧ ج ٩ الفتح الرباني ٠ فضل الصيام) وص ٣٠ ج ٨ نووي وص ٢١٠ ج ١ مجتبي (والصيام جنة بضم الجيم: أي ستره ومانع من الرفث والآثام، ووقاية من النار لأنه إمساك عن الشهوات والنار محفوفة بها (روى) أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "حفت الجنة بالمكارة وحفت النار بالشهوات" أخرجه الشيخان (انظر ص ٧٧ ج ٢٣ عمدة القاري وص ١٦٥ ج ١٧ نووي - الجنة وصفة نعيمها) (و ٠ فلا يرفث) بتثليث الفاء، أي لا يتكلم بفحش القول (ولا يصخب) بالصاد أو السين وفتح الخاء: أي لا يصيح ولا يخاصم (ولا يجهل) أي لا يرتكب شيئاً من أفعال الجاهلية كالسفه والسخرية وما ذكر لا يباح في غير الصوم. والمقصود أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم (فإن شاتمه) أي شتمه متعرضاً لمشاتمته (أو قاتله) أي نازعه ودافعه (إني صائم) أي يقول ذلك بلسانه ليعلم مخاطبه أنه معتصم بالصيام عن اللغو والرفث والجهل. أو يقول ذلك لنفسه منعاً لها من مقابلة الجهل بالجهل، وقيل يقول ذلك بلسانه في الفرض ولنفسه في التطوع (والخلوف) بضم الخاء: تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام و (أطيب عند الله) كناية عن رضاء الله وإحسانه لأن استطابة بعض الروائح من صفات المخلوقات والله تعالى منزه عن ذلك والمراد أن الخلوف أكثر من التطيب بالمسك المندوب إليه في الجمع والأعياد ومجالس الخير .. و (فرح بفطره) أي لتمام عبادته وسلامتها من المفسدات ولما يترتب عليها من الثواب (وفرح بصومه) أي بما يراه من جزائه وتذكر نعمة الله عليه بتوفيقه.