للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٣) الصوم في الأشهر الحرم: الحرم بضمتين جمع حرام وصفت بذلك لحرمتها وحرمة القتال فيها في الجاهلية وصدر الإسلام. وهي أربعة ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب قال الله تعالى "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم" (١). (وعن) أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، السنة اثنا عشر شهراً منها أربعة حرم: ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان (٢). {١٠٤}

وقد جاء في الترغيب في الصوم فيها أحاديث (منها) حديث مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله وهيئته فقال يا رسول الله أما تعرفني؟ قال ومن أنت؟ قال أنا الباهلي الذي جئتك عام الأول. قال فما غيرك وقد كنت حسن الهيئة؟ قال ما أكلت طعاماً إلا بليل منذ فارقتك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم عذبت نفسك؟ ثم قال صم شهر الصبر ويوماً من كل شهر. قال: زدني فإن بي قوة قال صم يومين قال زدني قال: صم ثلاثة أيام قال زدني قال صم من الحرم واترك صم من الحرم واترك، صم من الحرم واترك، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها" أخرجه أحمد وابن ماجه والبيهقي وأبو داود بسند جيد وهذا لفظه (٣) {١٠٥}


(١) التوبة: ٢٦ (عند الله) أي في حكمه وتقديره (في كتاب الله) يعني اللوح المحفوظ.
(٢) انظر ص ٢٢٥ ج ٨ فتح الباري (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً) وص ١٦٧ ج ١١ نووي (تغليظ تحريم الدماء والأعراض والأموال) و (رجب مضر) الخ فإن ذلك لأن ربيعة كانت تحرم بالحج في رمضان وتسميه رجباً، من رجبت الرجل حرمته، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجب مضر لا رجب ربيعة.
(٣) انظر ص ١٩٤ ج ١٠ - الفتح الرباني (الصوم في رجب والأشهر الحرم) وص ٢٧٢ ج ١ - ابن ماجه وص ٢٩١ ج ٤ بيهقي وص ١٨٠ ج ١٠ - المنهل العذب المورود و (مجيبة) بضم فكسر (وشهر الصبر) شهر رمضان. والصبر في الأصل الحبس سمي الصيام صبراً لما فيه من حبس النفس عن تعاطي المفطر ولا يضر جهالة أبي مجيبة أو عمها لأن الصحابة كلهم عدول.