للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فتصدق عليه: خذه فأطعمه أهلك، يحتمل معاني: يحتمل أن يكون الكفارة على من قدر عليها. وهذا رجل لم يقدر على الكفارة فلما أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً وملكه قال الرجل: ما أحد أفقر إليه منا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: خذه فأطعمه أهلك لأن الكفارة إنما تكون بعد الفضل عن قوته واختار الشافعي لمن كان على مثل هذا الحال أن يأكله وتكون الكفارة عليه ديناً فمتى ما ملك يوماً كفر. (١)

وهكذا قال الجمهور ومنهم الحنفيون ومالك وروي عن أحمد، لأن الرجل لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم يعجزه عن الخصال الثلاث. أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالجلوس ولما أتى بعرق التمر أمره بإخراجه في الكفارة. فلو كانت تسقط بالعجز لم يكن عليه شيء ولم يأمر بإخراجه. فدل هذا على ثبوتها في ذمته. وإنما أذن له النبي صلى الله عليه وسلم في إطعام عياله، لأنه كان محتاجاً ومضطراً إلى الإنفاق عليهم في الحال. والكفارة على التراخي فأذن له في أكله وبقيت الكفارة في ذمته (وقال) عيسى بن دينار المالكي: تسقط الكفارة بالإعسار لما تقرر أنها لا تصرف على المكفر ولا على عياله. ولم يبين له النبي صلى الله عليه وسلم استقرارها في ذمته إلى حين يساره وهو ظاهر مذهب أحمد وقول للشافعي (واستدل) له بحديث علي بن أبي طالب "أن رجلاً أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت. فقال: وما أهلكك؟ قال: أتيت أهلي في رمضان قال هل تجد رقبة؟ قال لا قال فصم شهرين متتابعين. قال لا أطيق الصيام قال فأطعم ستين مسكيناً لكل مسكين مد قال ما أجد فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعاً. قال أطعمه ستين مسكيناً قال والذي بعثك بالحق ما بالمدينة أهل بيت أحوج منا. قال فانطلق فكله أنت وعيالك فقد كفر الله عنك" أخرجه الدارقطني (٢). {٢٢٠}


(١) انظر ص ٤٦ ج ٢ تحفة الأحوذي.
(٢) انظر ص ٢٥١ الدارقطني.