للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما روى عطاءٌ أَن ابن عباس رضى الله عنهما قال: إذا جاوز الوقْت فلم يُحْرِم حتى دخل مكة رجع إلى الوقت فأَحرم. فإِنْ خَشِىَ إِنْ رجع إلى الوقت فَوَّت الحج فإنه يُحْرِم ويُهْرِيق لذلك دماً. أخرجه إسحق بن راهويه (١). {١٥}

فهذا المنطوق أَوْلَى من المفهوم المخالف فى قوله ـ ممن أَراد الحج والعمرة ـ إِنْ ثَبَتَ أَنه من كلام النبى صلى الله عليه وسلم دون كلام الرَّاوِى. وهذا بالنسبة لمن كان خارج الميقات. أَما مَنْ كان فيه أو داخله، فَيَحِلُّ له دخول مكة لحاجةٍ بلا إحرامٍ لكثرةِ دخوله. وفي إلزامِه بالإحرام كلما دَخَلَ حَرَج. وهو مدفوع بقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمُ فى الدِّين مَنْ حَرَج (٢)}. وكذا مَنْ أَراد دخول مكة لقتالٍ مباحٍ أَو لخوفٍ من عَدُوّ لا يلزمه الإحرام؛ لأنَّ النبى صلى الله عليه وسلم وأَصحابه دخلوا يوم الفتح بلا إحرام، وكذا مَنْ جاوَزَ الميقاتَ لحاجةٍ فى غير مكة لا يلزمه الإحرام اتفاقاً. ومَتَى بدا له الإحرام يُحْرِم من موضعه ولا شىْءَ عليه عند مالك والشافعى وأبى يوسف ومحمد. وعن أحمد أنه يلزمه الرجوع إلى الميقاتِ والإحرام منه.

هذا، ومن كان مَسْكَنه دون هذه المواقيت ـ بأَن كان بين مكة وأَحدها ـ فإِحرامه من بَلَدِه اتفاقاً لقوله فى حديث ابن عباس رضى الله عنهما: ومَنْ كان دُونَهُنَّ فَمُهَلَّه من أَهلهِ.

(فائدة) للحرم المكِّى حدود قد نُصِبَتْ عليها أَعلام فى خمس جهاتٍ تحيط بمكة. فعلى حَدِّه من جهة الشرق، الجعرانة بينه وبين مكة ١٦ ستة عشر كيلو متراً. وعلى حَدِّه من الشمال الشرقى (العراق) وَادِى نَخْلة بينه وبين مكة نحو ١٤ أَربعة عشر كيلو متراً. وعلى حَدِّه من جهة الشمال، التنعيم على طريق المدينة بينها وبين مكة ٦ ستة كيلو مترات. ومن جهة الغرب بميل قليل إلى الشمال (من جهة جُدة) الحديبية وتسمى اليوم


(١) انظر ص ٢٨١ ج ١٠ المنهل العذب (المواقيت).
(٢) بعض آية آخر الحج.