للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال لهم: أتحبون أن يكون هذا السلام فى كل أذن؟ قالوا نعم فبات وأصبح متواجداً يزعم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منامه وأنه أمره أن يذهب إلى المحتسب ويبلغه عنه أن يأمر المؤذنين بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل أذان. فمضى إلى محتسب القاهرة نجم الدين محمد الطنبدى - وكان شيخاً جهولا سيئ السيرة متهافتاً على الدرهم لا يحتشم من أخذ البرطيل والرشوة ولا يراعى فى مؤمن إلا (١) ولا ذمة - وقال له: رسول الله صلى الله لعيه وسلم يأمرك أن تتقدم لسائر المؤذنين بأن يزيدوا فى كل أذان " الصلاة والسلام عليك يا رسول الله " كما يفعل فى ليالى الجمع فأعجب الجاهل هذا القول. وجهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأمر بعد وفاته إلا بما يوافق ما شرعه الله على لسانه فى حياته وقد نهى الله تعالى عن الزيادة فيما شرعه حيث يقول: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (٢)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم ومحدثات الأمور " (٣). {١٣٦}

فأمر بذلك فى شعبان من السنة المذكورة. وعمت هذه البدعة واستمرت فى مصر والشام. وصارت العامة وأهل الجهالة ترى أن ذلك من جملة الأذان الذى لا يحل تركه. وأذى ذلك إلى أن زاد بعض أهل الإلحاد فى الأذان ببعض القرى السلام بعد الأذان على شخص من المعتقدين الذين ماتوا. فإنا لله وإنا إليه راجعون (٤) أهـ.


(١) إلا بكسر الهمزة وشد اللام مونا أى عهداً.
(٢) سورة الشورى آية: ٢١.
(٣) هذا بعض الحديث رقم ١٣ ص ٢٢ فتاوى أئمة المسلمين (الفتوى ٣).
(٤) انظر ص ١٧٢ ج ٢ - الخطط طبعة بولاق (ذكر الأذان بمصر).