للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وعن) أنس: " أنّ النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى نحو بيت المقدس فنزلت: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ} فمرّ رجل من بنى سلمة وهم ركوع فى صلاة الفجر وقد صلوا ركعة فنادى: ألا إنّ القبلة قد حُوّلت. فمالوا كما هم نحو البيت"أخرجه مسلم وأبو داود (١) {١٦٦}

ومثل هذا لا يخفى على النبى صلى الله عليه وسلم. فكان ما مضى من صلاتهم بعد تحويل القبلة إلى الكعبة صحيحا، ولأن المجتهد أتى بما أُمِر به فخرج عن العهدة كالمصيب، ولأنه صلى إلى غير الكعبة للعذر فلم تجب عليه الإعادة كالخائف يصلى إلى غيرها إذا تعذر عليه استقبالها. ولأنه شَرْطً عَجَزَ عنه فأشبه سائر الشروط (وقالت) المالكية: إن تبين خطؤه فى أثناء الصلاة يقيناً أو ظنا، قطعها البصير المنحرف كثيراً بأن كان مستديراً للقبلة أو مشرِّقا عنها أو مغرِّباً وابتدأها بإقامة، وغن كان الانحراف من البصير يسيراً أو كان من أعمى مطلقا، تحوّل إلى القبلة وأتم صلاته، وإن تبين الخطأ بعد تمام الصلاة، أعاد البصير المنحرف كثيرا بوقت. ولا إعادة على غيره.

(ومشهور) مذهب الشافعية أنه إن تبين خطؤه فى أثناء الصلاة بأن كان مستدبرا لها أو منحرفا يَمَنةً أو يَسْرة استأنفها، وكذا إذا تبين له الخطأ بعد الفراغ منها، لأنه بأن له الخطأ فى شرط من شروط الصلاة، فلزمه الإعادة، كما لو بأن له صلى قبل الوقت أو بغير طهارة، بخلاف ظنّ الخطأ فإنه لا يؤثر فى صحة الصلاة.


(١) ص ١١ ج ٥ - نووى. وص ١٧٨ ج ٥ - المنهل العذب (من صلى لغير القبلة ثم علم).