للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكون خالية عن شوائب الدنيا خالصة لوجه الله تعالى، لأن الأغيار لا يطلعون عليها، فتكون أقرب الى القبول (ومنها) أن الغالب على الانسان فى جوف الليل الكسل والنوم، فلولا الرغبة الشديدة فى نيل الثواب العظيم لما تحمل مشاق السهر، ولما أعرض عن اللذات الجسمانية، ولذا احتيج فى الترغيب فى الطاعة والعبادة بالليل الى مزيد أمور تؤثر فى تحريك دواعى الاشتغال بالطاعة والتهجد لتكون الدواعى اليه أتم وأوفر، ويكون الثواب أكمل. ولذا أثنى الله تعالى على من تحلى بالطاعة فى الليل. قال تعالى {كانوا قليلا من الليل ما يهجعون (١٧) (وبالأسحار هم يستغفرون) (١٨) الذرايات. وقال: (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون (١٦) فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} (١٧) السجدة. (وقيل) النزول فى الحديث كناية عن المبالغة فى الاكرام والاحسان. وذلك أن نزل من الملوك عند انسان لاصلاح شأنه والاهتمام بأمره يكون وجوده عنده مبالغة فى اكرامه فلما كان النزول مستلزما لغاية الاكرام وكمال الاحسان، اطلق اسم النزول على الاكرام المذكور. (وقيل) ان " ينزل " فى الحديث بضم الياء من الانزال، أى أن جمعا من أشراف الملائكة ينزلون فى ذلك الوقت بأمر الله تعالى اهت. (وقال) الامام ابن الجوزى الحنبلى فى كتابه " دفع شبهة التشبيه " ص ٤٦: روى حديث النزول عشرون صحابيا وقد تقدم انه يستحيل على الله عز وجل الحركة والنقلة والتغير فيبقى الناس رجلين (أحدهما) المتأول بمعنى أنه يقرب رحمته. وقد وصف أشياء بالنزول فقال: {وَأَنزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} (٢٥) الحديد. وان كان معدنه فى الأرض.

وقال: {وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} (٦) الزمر ومن لم يعرف الجمل فكيف يتكلم فى نزوله (١) (والثانى) الساكت عن الكلام فى ذلك مع اعتقاد التنزيه.


(١) الجمل من الأنعام وهى فى الأرض فالانزال بمعنى الخلق.