(فأنت) ترى أن اعتقاد ابن حامد الحنلى وأحزابه دليل واضح على أنهم ما عرفوا أن الله سبحانه وتعالى اله قديم لا يتصف بالجسمية ولا التحول والانتقال، لأن ذلك كله من صفات الحوادث. وأن الامام أحمد رضى الله تعالى عنه برئ منهم (ولو كانوا) يسمعون أو يعقلون، لعرفوا أن الله تبارك وتعالى اله قديم موجود قبل خلق العالم يستحيل عليه الحركة والسكون وغيرهما من صفات المخلوق. قال الله تعالى:{وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}(٢٣) غافر (وقال) الامام فخر الدين الرازى فى كتابه أساس التقديس ص ١٣٤ ما حاصله: فاما الحديث المشتمل على النزول الى سماء الدنيا فالكلام عليه أن النزول قد يستعمل فى غير الانتقال. وذلك لوجوه (منها) قوله تعالى: {وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ}(٦) الزمر. ونحن نعلم بالضرورة أن الجمل أو البقر ما نزل من السماء الى الأرض على سبيل الانتقال. وقوله تعالى:{فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ}(٦) الفتح. والانتقال على السكينة محال (ومنها) أنه ان كان مقصود من النزول من العرش الى سماء الدنيا أن يسمع نداؤه فهذا لم يحصل. وان كان المقصود مجرد النداء وان نسمع فهذا مما لا حاجة فيه الى النزول. وهذا عبث غير لائق بحكمة الله تعالى. (ومنها) أن من يقول بظاهر الحديث يرى أن كل السموات بالنسبة للكرسى كقطرة فى بحر والكرسى بالنسبة للعرش كذلك. ثم يقول ان العرش مملوءه منه والكرسى موضع قدمه. فاذانزل الى سماء الدنيا فكيف تسعه؟ فاما أن يقال بتداخل أجزائه فى بعض، وهذا يقتضى أنها قابلة للتفرق ويقتضى جواز تداخل جملة العالم فى خردلة واحدة وهو محال. واما أن يقال ان تلك الأجزاء فنيت عند النزول الى سماء الدنيا. وهذا مما لا يقوله عاقل فى حق الله تعالى (فثبت) أن القول بالنزول على الوجه الذى قالوه باطل.
وانه يتعين حمل هذا النزول على نزول رحمته الى الأرض فى ذلك الوقت. وخص هذا الوقت بذلك لوجوه (منها) أن التوبة التى يؤتى بها فى جوف الليل شأنها أن