للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(بَابُ الصُّلحِ) وحكمِ الجوارِ

والجوارُ - بكسرِ الجيمِ - وهو لغةً: قطعُ المنازعةِ (١). وشَرعًا: "معاقدةٌ يتوصلُ بهَا إلى إصلاحٍ، أو موافقةٍ بينَ متخاصمَينِ" (٢). وهوَ جائزٌ بالإجماعِ (٣)؛ لقولِه تعالَى: ﴿وَالصُّلْحُ خَيرٌ﴾ [النساء: ١٢٨]، ولقولِه تعالى: ﴿فَأَصْلِحُوا بَينَ أَخَوَيكُمْ﴾ [الحجرات: ١٠]، ولقولِه تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَينَهُمَا [الحجرات: ٩]، ولحديثِ أبي هريرةَ مرفوعًا: "الصُّلْحُ جَائِزٌ بَينَ المُسْلِمِينَ إِلَّا صلْحًا حَرَّمَ حَلَالًا أَوْ أَحَلَّ حَرَامًا". رواه أبو داودَ (٤). والصلحُ من أكبرِ العقودِ فائدةً؛ لما فيهِ من قطعِ النزاعِ والشقاق، وأبيحَ فيه الكذبُ. والصلحُ خمسةُ أنواعٍ، أحدُها: يكونُ بينَ المسلمينَ وأهلِ حربٍ. وتقدمَت أقسامُه في الجهادِ. والثاني: بينَ أهلِ


(١) أصل الصَّلح: مشتق من الصلاح، وهو ضد الفساد. ويقال: اصطلح القومُ، وتصالحوا، وأصلحْتُ بينهم، وصالحْتُهم، إذا وقع بينهم صُلْحٌ. وأصلح ذات بينهم، أي: أزال ما بينهم من العداوة والشقاق. انظر: المخصص ٣/ ٣٧٩، مادة: (صلح)، تاج العروس ٦/ ٥٤٨، المعجم الوسيط ١/ ٥٢٠.
(٢) انظر: المغني ٧/ ٥، المبدع ٤/ ٢٧٨، التوضيح ٢/ ٦٧٥.
(٣) يعني: الصلح من حيث المبدأ، ولذا حكى ابن قدامة هذا الإجماع في الثلاثة أنواع الأولى التي سيذكرها المصنف. أما الصلح في الأموال - وهو محل البحث - فلم يحكِ فيه ابن المنذر شيئًا، وصرح ابنُ حزم بعدمه، وقالَ: "لا إجماعَ في الصلح؛ لأن الشافعي وغيره يقول: لا يجوز الصلح أصلًا إلا بعد الإقرار بالحق". مراتب الإجماع ٦٠. وكذا ابن هبيرة حكى فيه خلاف الشافعي. انظر: الإفصاح ١/ ٢٤٥.
(٤) أخرجه في كتاب الأقضية، باب في الصلح (٣٥٩٤) ٢/ ٣٢٧.
وأخرجه الدارقطني، (٩٦) من كتاب البيوع، ٣/ ٢٧، والحاكم، (٢٣٠٩) ٢/ ٥٧، والبيهقي (١١٦٨٥) ٦/ ٦٥، كلهم من طريق "كثير بن زيدٍ، عن الوليد بن رباح" صححه ابن حبان ١١/ ٤٨٨. وحسنه ابن القطان لأن "كثير بن زيد" تكلم فيه، بيان الوهم ٥/ ٢١١. لكن قال ابن عدي: لم أر بحديثه بأسًا وأرجو أنه لا بأس به الكامل ٦/ ٦٨، وحسَّنه الألباني في الإرواء ٥٠/ ١٤٣.
وسيأتي تخريج الحديث عند الترمذي من رواية عمرو بن عوف المزني.

<<  <  ج: ص:  >  >>