للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كِتَابُ البَيْعِ)

قدَّمهُ على الأنكحةِ وما بعدَها؛ لشدةِ الحاجةِ إليه؛ لأنه لا غنَى للإنسانٍ عن مأكولٍ ومشروبٍ ولباسٍ، فإنَّ المكلَّفَ لا يخلُو غالبًا من بيعٍ وشراءٍ، فيجبُ معرفةُ الحكمِ فيهِ قبلَ التلبُّس به. وهوَ جائزٌ بالإجماعِ (١)، لقولِه تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ (البقرة: ٢٧٥)، ولحديثِ: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا". متفق عليه (٢)، والحكمةُ تقتضِيهِ؛ لتعلقِ حاجةِ الإنسانِ بما في يدِ صاحبِه، ولا يبذلُه بغيرِ عوضٍ غالبًا، ففِي تجويزِ البيعِ وُصُولٌ لغرضِه ودفع حاجتِه. وهُوفي اللُّغةِ: أخذُ شيءٍ، وإعطاءُ شيءٍ. قالهُ الفهَامةُ الوزِيرُ ابنُ هُبَيرَةَ (٣). مأخوذٌ من الباعِ (٤)؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ من المتبايعَينِ يمُدُّ باعَه للأخذِ والعطاءِ (٥). أو منَ المبايَعةِ -وهي: المصافحةُ-؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ يصافِحُ صاحبَه عندَ البيعِ (٦)، ولذلكَ سميَ البيعُ


(١) حكاه ابن قدامة في المغني ٦/ ٧، والزركشي في شرحه ٢/ ٤، والبهوتي في شرحه على الإقناع ٣/ ١٤٥.

(٢) أخرجه البخاري من حديث حكيم بن حزام في كتاب البيوع، باب البيعان بالخيار ما لم يتفرقا (٢١١٠) ٢/ ٧٤٣، ومسلم في كتاب البيوع، باب الصدق في البيع والبيان (١٥٣٢) ٣/ ١١٦٤.
(٣) انظر: الإفصاح ١/ ٢٠٧. وانظر مادة: (شري)، مقاييس اللغة ٥٣٥، مادة: (بيع)، المعجم الوسيط ١/ ٧٩.
وانظره في: شرح الزركثي ٢/ ٣، المبدع ٤/ ٤، الإنصاف ٤/ ٢٥٩.
(٤) الباع: هو مسافة ما بين الكفين إذا بسطتهما يمينًا وشمالًا، يقال: باعَ الرجلُ الحبلَ، إذا قاسه بالباع، والجمع: أبواع. انظر مادة: (بوع)، الصحاح ٣/ ١١٨٨، المصباح المنير ٦٤، مقاييس اللغة ١٤٤.
(٥) انظر مادة: (بيع)، المصباح المنير ٦٧، معجم متن اللغة ١/ ٣٧٣. وقال البهوتي: في قول الأكثر. كشاف القناع ٣/ ١٤٥، وضعفه في المطلع ٢٢٧.
(٦) انظر مادة: (صفح)، المصباح المنير ٢٨١، النهاية في غريب الحديث ٢/ ٣٤، مادة: (بيع)، لسان العرب ٨/ ٢٣، أو هو من المبايعة بمعنى المعاقدة والمعاهدة، كأن كل واحد منهما باع=

<<  <  ج: ص:  >  >>