للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(المبحث الرابع) تلامذته]

لم تشر مصادر ترجمته إلى جلوسه للتدريس، ولا ذِكْر تلامذة له، وهذا ما يجعل الباحث في سيرته يلتمس سبب ذلك، فمع ثناء من ترجم له على طول باعه في الفرائض، والحساب، مع التبحر في الفقه، وغيره من علوم الشريعة (١)، ومن كان كذلك فهو محط رغبة الطلاب، فلِمَ لَمْ تشر المصادر إلى دروسه، وتلامذته؟!

وبالنظر في ترجمته يظهر - والله أعلم - أنه انشغل بأعماله الاجتماعية عن الجلوس للتدريس؛ فقد كان قريبًا من السلطة (٢)، قال الحموي: "وأما انتظام أحوال المجامع الكبيرة فكان لا يتم ولا يحسن إلَّا بوجوده، ورأيه ومشورته، بحيث أن أمراء مصر وكبرائها إذا فعلوا مهمًا من عرس وغيره يكون هو المرتب له" (٣)، وكان يُرجع إليه في المشكلات الدنيوية؛ لكثرة تدبره في الأمور، ومنازلته لها، وكان كثير المال (٤)، سخي اليد، يحسن إلى أهل العلم، والمترددين إليه (٥)، ويقضي حوائج المحتاجين.

إضافة إلى اشتغاله بالمطالعة والمذاكرة، والتأليف والتصنيف، مما كان صارفًا له عن التدريس. ولا يعني ذلك أنه لم يشتغل بالتدريس قط، بل لعلَّه مقل منه. والله أعلم.

* * *


(١) ينظر: خلاصة الأثر ١/ ٩، النعت الأكمل ص ٢٥٢، مختصر طبقات الحنابلة ص ١٢٦.
(٢) ينظر: مقدمة تحقيق كتابه تراجم الصواعق في واقعة الصناجق ص ١٥.
(٣) فوائد الارتحال ٣/ ٨٨.
(٤) ولا أدل على ذلك مما ذكره في أول كتابه حدائق العيون الباصرة ١/ ب: أنه فقد في طاعون سنة خمس وستين وألف تسعة عشر من خدمه.
(٥) ينظر: خلاصة الأثر ١/ ٩، النعت الأكمل ص ٢٥٣، السحب الوابلة ١/ ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>