للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد لله [الهادي]، الذي فقَّه من أراد به خيرًا في الدين، وشرح بالهداية صدره، وجعله بأسباب الهداية دليلًا للطالب، فبه نال مسلك الراغب، وحاز [من الغنائم بالعلم] فخره، وأظهر له بكشاف القناع أوجوه، ما غمض عنه من الفضائل وأحجب الحجاب ستره، وبمعونة أولي النهى بلَّغه منتهى إراداته (١)، وفي الآخرة رفع قدره، وأقنعه المقنع بالتلخيص وغاية المنتهى، فهو بالإقناع قانع، وبالعلوم من الجهل فك أسره، وأعطاه الإنصاف، فيرجح ما يراه من تحرير محرر التنقيح، ونفعه (٢) بالتوضيح ما أخفاه الإشكال جهره، وأغناه المغني بالغنية، وبالكافي نال (٣) الإفصاح، وبلَّغه غاية المطلب (٤)، وغاص بحره، وجافى له بالإتقان، فصار للمذهب الأحمد فقيه عمدة مبدعًا، فائقًا للأصول والفروع، لما أظهر [مطلع] شمس هدايته، وأشرق بدره، ومنحه البلغة والرعاية، فحاز الموجز، وبالوجيز بلغ منتهى الغاية، إذ قطف من العلوم زهره، وأنعم عليه بالتوفيق، فابتدر منتخبًا للعلوم، حاويًا جامعًا لمجمع البحرين، مستوعبًا [للتحصيل] أيامه ودهره (٥).

فسبحانه من إله شرع الشرائع، وحلّل الحلال، وحرّم الحرام، وكره ما يكره، أحاط علمًا بما كان وما يكون، وبيَّن الأحكام بأي إحكام، ونفذ في خليقته أمره،


(١) هنا هامش لم أتمكن من قراءته، ومقداره أربع كلمات، ورسمه هكذا تقريبًا (فصار … المسن قصد).
(٢) في الهامش كلمة لعلها (بتحقيق).
(٣) في الهامش: (لترغيب … ).
(٤) في الأصل: (إلى أن بلغ). (وبلغه غاية) لحق مختوم بـ (صح). فالذي يظهر أن الشارح أراد أن يجعل هذا اللحق بدلًا عن (إلى أن بلغ).
(٥) أكثر الشارح في خطبته من كتب الحنابلة، وذلك من براعة الاستهلال، فبمجرد النظر في الخطبة يعلم القارئ أن هذا الكتاب في فقه الحنابلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>