للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

إذَا فرغَ الحاجُّ منَ الحجِّ (وَ) ما يـ (ــــــــتَـ) ـــــعلَّقُ به، ومن طوافِ الوداع، (سُنَّ) له (زِيَارُة قَبْرِ النَّبِيَّ وَقَبْرِ صَاحِبَيْهِ) هما: أبُو بكرٍ الصدّيقُ (١)، وعمرُ بنُ الخطَّابِ (رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عَلَيْهِمَا) وعلَى الصحابةِ - أجمعينَ (٢)؛ لحديثِ الدارقطني عن ابن عمر، قال: قال رسول الله : "مَنْ حَجَّ فَزَارَ قَبْرِي بَعْدَ وَفَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي"، وفي رواية: "مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي" (٣)، وعن أبي هريرَة مرفوعًا: "مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ عِنْدَ قَبْرِي إِلَّا رَدَّ اللهُ


(١) هو: أبو بكر، عبد الله بن أبي قحافة بن عامر التميمي الملقب بالصديق. تقدمت ترجمته في الجزء الأول.
(٢) انظر: الوجيز ١٤٨، الكافي ١/ ٤٥٧، الفروع ٦/ ٦٦، الإقناع ٢/ ٣١. قال في الإنصاف: "وعليه الأصحاب متقدمُهُم ومتأخرُهم". الإنصاف ٤/ ٥٣. وزيارة قبره هي تبع لزيارة مسجده ، وهذا مراد من أطلق من الأصحاب الزيارة للقبر. ذكره ابن قاسم في حاشيته. وقال: "لم يُعرف عن أحد من أصحاب النبي أنه قال: تُستحب زيارة قبر النبي أو لا تستحب، ونحو ذلك، ولا علَّق بهذا الاسم حكمًا شرعيًا، وإنما تكلم به من تكلم من بعض المتأخرين، ومع ذلك لم يريدوا ما هو المعروف من زيارة القبور؛ فإنه معلوم أن الذاهب إلى هناك، إنما يصِلُ إلى مسجده ، والمسجدُ نفسه يشرع إتيانه، سواء كان القبر هناك أولم يكن". وانظر: الرد على الأخنائي ١٣٠، حاشية الروض المربع ٤/ ١٩٠.
ويؤيد هذا الظن بمراد الفقهاء: أنَّه لم يقل أحد من الأئمة بشدِّ الرحالِ لزيارةِ قبر نبيٍّ غيرِ النبي ؛ وذلكَ لأنه ليس عنده مسجدٌ يُستحَبُّ السفر إليه، لكنه هو كان قبرُه عند مسجده. وعليه: فيفصَّلُ القول في نية السفر إلى قبره : فمن قصد السفر إلى مسجده للصلاة فيه، أو قصدَ معه زيارة قبره فهذا قصَدَ مستحبًّا مروعًا بالإجماع، ومن لم يقصد إلا زيارة قبرِه ، ولم يقصد المسجدَ، فهو محل نزاع بين العلماء، والصحيح: أنه لا يجوز؛ للنهي الوارد عن شدِّ الرحالِ للتعبد إلى غير المساجدًا لثلاثة، وزيارة القبور عبادة فلا يجوز أن تُشَدَّ الرحال إليها. وعلى كل حالٍ فهذه المسألة من مسائل النزاع، يقال فيها كما يقال في أمثالها من الأقوال في مسائل النزاع. انظر: مجموع الفتاوى ٢٧/ ٣٢٩ - ٣٤٢، حاشية الروض المربع ٤/ ١٩٠.
(٣) أخرجه الدارقطني (١٩٢، ١٩٤) من باب المواقيت ٢/ ٢٧٨، والبيهقي (١٠٥٧٣) ٥/ ٢٤٦، والطبراني في الكبير (١٣٤٩٧) ١٢/ ٤٠٦ كلُّهم عن ابن عمر، وفيه "حفص بن سليمان" ضعيف الحديث قاله البيهقي ٥/ ٢٤٦، وقال الهيثمي: "وثقه أحمد وضعفه جماعة من الأئمة" ٤/ ٦، وفي إسناد آخر فيه. موسى بن هلال قال أبو حاتم: "مجهول العدالة"، قاله ابن حجر في التلخيص ٢/ ٥٤١. =

<<  <  ج: ص:  >  >>