للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كِتَابُ الجِهَادِ)

ختمَ به العباداتِ؛ لأنه أفضلُ تطوعِ البدنِ. وهو مشروعٌ بالإجماع (١)؛ لقولِه تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ﴾ (البقرة: ٢١٦)، إلى غير ذلكَ، وبفعلِه وأمرِه به (٢)، روى مسلم: "مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ النِّفَاقِ" (٣). وهو -أي: الجهاد- مصدر جَاهَدَ جِهَادًا أو مجاهَدَةً، من جَهَدَ: إذا بالغَ في قتلِ عدوِّه. فهو لغة: "بذلُ الطاقةِ والوسْعِ" (٤). وشرعًا: "قتالُ الكفارِ، خاصَّة" (٥)، بخلاف قتال المسلمينَ، من البُغاةِ، وقطاعِ الطريقِ، وغيرهم، فبينَه وبينَ القتالِ عمومٌ مطلق. (وَهُوَ فرضُ كفايةٍ) إذا قامَ به من يكفِي سقطَ وجوبُه


(١) حكاه ابن حزم في مراتب الإجماع ١١٩.

(٢) أما فعله فكتب السير والمغازي في كتب السُّنَّة شاهدة وحافلة بمشاهده مع المشركين، وقد سئل زيد بن أرقم : كم غزا النبي ؟ قال: تسع عشرة غزوة. أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب كم غزا النبي ؟ (٤٤٧١) ٤/ ١٦٢١.
وأما أمره به فقد تنوعت فيه الأحاديث من ترغيب في الجهاد، وبيان لفضله، وتقديمه على غيره من الأعمال، وتعظيم أجر الشهيد والجراح في سبيل الله. ومن النصوص التي اشتملت على الأمر بالجهاد قوله من حديث ابن عباس : "لَا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ وَلكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، وَإِدا اسْتُنْفِرْتُمْ فَانفِرُوا". أخرجه البخاري في كتاب الجهاد، باب فضل الجهاد والسير، (٢٧٨٣) ٣/ ١٠٢٥. وأخرج مسلمٌ عن بريدةَ قال: قال رسُول الله : "اغْزُوا باسْم اللهِ وَفي سَبِيْلِ الله قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بالله". في كتاب الجهاد، باب تأمير الإمام الأمراء على البعوث (١٧٣١) ٣/ ١٣٥٦.
(٣) أخرجه من حديث أبي هريرة في كتاب الإمارة، باب ذم من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو (١٩١٠) ٣/ ١٥١٧.
(٤) ومصدره: جهد -بالضم والفتح- بمعنى: الطاقة والوسع. وهو من باب نَفَعَ انظر مادة: (جهد)، القاموس المحيط ٣٥١، النهاية في غريب الحديث ١/ ٣١٣، المصباح المنير ١٠١.
(٥) انظر: المبدع ٣/ ٣٠٧، كشاف القناع ٣/ ٣٢، حاشية الروض المربع ٤/ ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>