للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن غيرِهم (١)، ما لم يكنْ واحدٌ فيتعينُ عليهِ (٢). وإن لم يقمْ به منْ يكفي، أثمَ الناسُ كلُّهم (٣). والدليلُ على أنهُ فرضُ كفايةٍ: قولُه تعالى: ﴿فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى﴾ (النساء: ٩٥). وأما قولُه تعالى: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ (التوبة: ٣٩) فقد قالَ ابنُ عبَّاس: "نسَخَها قولُه تعَالى: (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾ (التوبة: ١٢٢) رواه الأثرم (٤).

ومنَ الفروضِ الكفَاية: دفعُ ضررِ المسلمينَ، كسترِ العارِي، وإشباعِ الجائعِ على القادرِ إن عجزَ بيتُ المالِ، وكالصنائعِ المباحةِ المحتاجِ إليهَا لمصالح الناسِ الدينيةِ والدُّنيويةِ والماليةِ، كالزرعِ والغرسِ ونحوهما (٥). فإذَا قامَ بذلكَ أَهلُه بنيةِ التقرب كانَ طاعةً، وإلَّا فلا (٦). ومن ذلكَ: إقامةُ الدَّعوى (٧) إلى دينِ الإسلامِ، ودفعُ الشبهةِ بالحجَّةِ والسيفِ لمن عاندَ (٨) (٩)؛ لقولِه تعالى: (وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل: ١٢٥). ومن ذلك: سدُّ البَثُوقِ -بتقديم الموحَّدَة، وهو: ما انفتحَ من جانبِ النهرِ (١٠) -، وحفرُ الآبارِ، والأنهارِ،


(١) انظر: مختصر الخرقي ١٢٨، الإرشاد ٣٩٦، المقنع ١٣٦، الفروع ١٠/ ٢٢٥.
(٢) انظر: الإقناع ٢/ ٦١، شرح الكوكب المنير ١/ ٣٧٦.
(٣) انظر: الشرح الكبير ١٠/ ٣٦٤، المبدع ٣/ ٣٠٧، معونة أولي النهى ٣/ ٥٨٢.
(٤) نقله عن الأثرم: ابن قدامة في المغني ١٣/ ٧.
والأثر أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في نسخ نفير العامة بالخاصة. (٢٥٠٥) ٢/ ١٤، والبيهقي (١٨٣٩٥) ٩/ ٤٧. حسنه ابن حجر في الفتح ٦/ ٣٨، والألباني في سنن أبي داود ٣٨٠.
(٥) انظر: الآداب الشرعية ٣/ ٥٢٥، الإقناع ٢/ ٦١، غاية المنتهى ١/ ٤٤١.
(٦) انظر: كشاف القناع ٣/ ٣٣، مطالب أولي النهى ٢/ ٤٩٨.
(٧) الدَّعوى بمعنى: الادِّعاء، وهو يطلق في الأصل على دعوى النسب، وكلِّ حق تنسِبه إليك. تقول: ادَّعيت الشيء: تمنَّيته، وادَّعيتُه: طلبتُه. ويطلى بمعنى القول: يقال: هذه دعوى فلانٍ، أي: قوله. ومنه قوله تعالى: ﴿يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ﴾ (الحج: ١٣)، أي: يقول، انظر مادة: (دعا) المصباح المنير ١٦٤، لسان العرب ١٤/ ٢٥٧.
(٨) في الأصل: عاد، وهو سهو. انظر: كشاف القناع ٣/ ٣٣.
(٩) انظر: الآداب الشرعية ٣/ ٥٢٥.
(١٠) البَثوق: جمع بَثق -بفتح الباء وربما كُسرت، والفتح أفصح-، والباء والثاء والقاف يدل على التفتح في الماء وغيره، يقال: بَثَق شقَّ النهر، أي: كسَرَه لينبعث ماؤه، فالبَثْق: هو المكان المنفتح في أحد جانبي النهر، وقيل: هو منبَعث الماء، وقد بثق الماء وانبثق عليهم إذا أقبل=

<<  <  ج: ص:  >  >>