الزحام، فإن غلب على ظنه فوات الثانية تابع إمامه في ثانيته وصارت أولاه وأتمها جمعة، فإن لم يتابعه عالمًا بتحريم ذلك بطلت صلاته وإن جهل تحريمه وسجد ثم أدرك الإمام في التشهد أتى بركعة أخرى بعد سلامه وصحت جمعته، ولو زال عذر من أدرك كوع الأولى وقد رفع إمامه من كوع الثانية تابعه في السجود فتتم له ركعة ملفقة من ركعتي إمامه يدرك بها الجمعة.
(فصل) ولابد من تقدم خطبتين (١) بين يدى الصلاة، وهما بدل ركعتين لا من الظهر (٢)، وموالاة بينهما وبين الصلاة. ولا بأس بقراءتهما من صحيفة. ويستحب البداءة بالحمد لله ثم بالثناء (٣) وهو مستحب، ثم بالصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. ولا
يجب السلام عليه مع الصلاة، ثم بالموعظة ورفع الصوت بحيث يسمع العدد المعتبر. ولا تصح الخطبة بغير العربية مع القدرة (٤) وتبطل بكلام محرم ولو يسيرًا، ويرفع صوته بحسب طاقته، ويكون متعظًا بما يعظ الناس به (٥) ويستقبلهم استحبابًا
فيستقبلونه، ويتربعون فيها، ولا بأس بالدعاء لمعين حتى السلطان والدعاء له مستحب في الخطبة (٦) ويكره للإمام رفع يديه حال الدعاء
(١)(خطبتين) لقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} والذكر الخطة، وعن عمر وعائشة "قصرت الصلاة من أجل الخطبة" فهما بدل ركعتين.
(٢)(لا من الظهر) ولا يقال إنهما بدل ركعتين من الظهر لأن الجمعة ليست بدلًا عن الظهر بل الظهر بدل عنها إذا فاتت.
(٣)(بالثناء) وفي عطفه على الحمد لله مغايرة له، فإما أن يكون على مقتضى كلام ابن القيم أو يراد الثناء بغير لفظ الحمد أو يراد به التشهد لحديث "كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء" أي قليلة البركة.
(٤)(مع القدرة) وتصح مع العجز عنها لأن المقصود بها الوعظ وحمد الله ونحوه بخلاف القرآن.
(٥)(يعظ الناس به) ليحصل الانتفاع بوعظه، وروى عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال "عرض على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار فقيل لي هؤلاء خطباء أمتك يقولون ما لا يفعلونه".
(٦)(في الخطبة) قال أحمد وغيره: لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها لإمام عادل، ولأن في صلاحه صلاح المسلمين، ولأن أبا موسى كان يدعو في خطبته لعمر، وروى البزار "أرفع الناس درجة يوم القيام إمام عادل" قال أحمد: لا أزال أدعو له بالتسديد والتوفيق.