أو كانوا يفعلونه بنا، ويجوز رميهم بالنار وإتلاف كتبهم المبدلة، وإذا ظفر بهم حرم قتل صبي وامرأة وراهب (١) ولو خالط الناس. وإن تترسوا بمسلمين لم يجز رميهم (٢) إلا أن يخاف علينا فقط فيرميهم ويقصد الكفار.
(فصل) ومن أسر أسيرًا لم يجز قتله حتى يأتى به الإِمام. فإن قتله قبل ذلك وكان المقتول رجلًا فقد أساء ولا شيء عليه (٣) وإن كان صغيرًا أو امرأة ولو راهبة عاقبه الأمير وغرمه قيمته غنيمة. ومن أسر فادعى أنه كان مسلمًا لم يقبل إلا ببينة ويخير الأمير تخيير مصلحة واجتهاد بين قتل واسترقاق ومن (٤) وفداء بمسلم أو مال فما فعله تعين. ويجب عليه اختيار الأصلح للمسلمين والجاسوس المسلم يعاقب والصبيان والنساء يرقون بنفس السبي (٥) ويضمنهم قاتلهم بعد السبى بالقيمة. ويجوز استرقاق من تقبل منه الجزية وغيره (٦) وإن أسلموا تعين رقهم في الحال، ومتى صار لنا رقيق
محكومًا بكفره من ذكر أو أنثى (٧) حرم مفاداته بمال وبيعه لكافر وذمى ولم يصح وتجوز مفاداته بمسلم، ويفدى الأسير المسلم من بيت المال (٨) فمن مال المسلمين (٩) ولو اشترى المسلم أسيرًا من أيدي العدو لزم الأسير أن يؤدي إلى المشتري ما اشتراه فيه (١٠)
(١) (وراهب لقول أبي بكر، وستمرون على قوم في صوامع لهم احتبسوا أنفسهم فيها، فدعهم حتى يميتهم الله على ضلالتهم (.
(٢) (لم يجز رميهم) لقوله تعالى: {ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات} الآية.
(٣) (ولا شيء عليه) لأن أمية بن خلف وابنه عليًا قتلهما الأنصار بعدما أسرا يوم بدر ولم يغرموا شيئًا.
(٤) (واسترقاق ومن) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - من على أبى عزة الشاعر يوم بدر، وعلى أبي العاص بن الربيع، وعلى ثمامة بن أثال.
(٥) (بنفس السبي) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "نهى عن قتل النساء والولدان" متفق عليه، وكان يسترقهم إذا سباهم.
(٦) (وغيره) كعبدة الأوثان وبني تغلب ونحوهم" لأنه كافر أصلي أشبه أهل الكتاب.
(٧) (أو أنثى إلى آخره) قال أحمد: ليس لأهل الذمة أن يشتروا مما سبى المسلمون. قال كتب عمر بن الخطاب ينهي عنه أمراء الأمصار، هكذا حكى أهل الشام اهـ.
(٨) (من بيت المال) لما روي سعيد بإسناده عن حبان بن أبي جبلة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "إن على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم ويؤدوا عن غارمهم".
(٩) (فمن مال المسلمين) فهو فرض كفاية لحديث "أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني".
(١٠) (ما اشتراه فيه) لما روى سعيد بإسناده عن الشعبي قال "أغار أهل ماء وأهل جلولاء على العرب فأصابوا شيئًا من سبايا العرب ورقيقًا ومتاعًا، ثم إن السائب بن الأقرع عامل عمر غزاهم ففتح ماء، فكتب إلى عمر في سبايا المسلمين ورقيقهم ومتاعهم اشتراه التجار من أهل ماء، فكتب إليه عمر: إن المسلم أخو المسلم لا يحزنه ولا يخذله. فأيما رجل من المسلمين أصاب رقيقه ومتاعه بعينه فهو أحق به من غيره. وإن أصابه في أيدي التجار بعد ما انقسم فلا سبيل إليه، وأيما حر اشتراه التجار فإنه يرد عليهم رءوس أموالهم، فإن الحر لا يباع ولا يشترى. وبه قال الحسن والنخعي والزهري ومالك والأوزاعي.