ولو مؤجلًا لا وفاء له إلا بإذن غريمه (١) وإن كان له وفاء أو أقام ضامنًا مليًا جاز (٢) ولا طاعة للوالدين في ترك فريضة كتعلم علم واجب يقوم به دينه من طهارة وصلاة وصيام ونحو ذلك، وإن لم يحصل ببلده فله السفر لطلبه بلا إذنهما ولا إذن الجد ولا الجدة.
(فصل) ويحرم فرار مسلم من كافرين وجماعة من مثليهم، ويلزمهم الثبات وإن ظنوا التلف، إلا متحرفين لقتال، ومعنى التحرف أن ينحازوا إلى موضع يكون القتال فيه أمكن ونحو ذلك مما جرت به العادة (٣) أو متحيزين إلى فئة ناصرة تقاتل معهم ولو بعدت (٤) وإن زادوا على مثليهم فلهم الفرار وهو أولى إن ظنوا التلف بتركه، وإن ظنوا الظفر فالثبات أولى بل يستحب، وأن يقاتلوا ولا يستأسروا، قال أحمد: ما يعجبني أن يستأسروا، وقال: يقاتل أحب إليّ، الأسر شديد ولابد من الموت، وإن استأسروا جاز، فإن جاء العدو بلدًا فلأهله التحصن منهم وإن كانوا أكثر من نصفهم ليلحقهم مدد أو قوة، وإن لقوهم خارج الحصن فلهم التحيز إلى الحصن، وإن غزوا فذهب دوابهم فليس ذلك عذرًا في الفرار، وإن فروا قبل إحراز الغنيمة فلا شيء لهم إن أحرزها غيرهم.
(فصل) ويجوز تبييت الكفار وهو كبسهم ليلًا وهم غارون، ولو قتل فيها من
لا يجوز قتله من امرأة وخنثى ورميهم بالمنجنيق (٥) وقطع المياه عنهم والسابلة، ولا يجوز عقر دوابهم ولو شاة إلا حال قتالهم أو لأكل يحتاج إليه ويرد الجلد في الغنيمة، ويجوز حرق شجرهم وزرعهم وقطعه إذا دعت الحاجة إلى إتلافه
(١)(بإذن غريمه) لأن الجهاد يقصد منه الشهادة، وبها تفوت النفس فيفوت الحق بفواتها.
(٢)(جاز) لأن عبد الله بن حرام والد جابر خرج إلى أحد وعليه ديون كثيرة فاستشهد وقضى عنه ابنه مع علمه عليه الصلاة والسلام من غير نكير.
(٣)(مما جرت به العادة) قال عمر: يا سارية الجبل، فانحازوا إليه وانتصروا على العدو.
(٤)(ولو بعدت) لحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "أني فئة لكم" وكانوا بمكان بعيد، وقال عمر "أنا فئة كل مسلم، وكان بالمدينة وجيوشه بمصر والشام والعراق" رواه أبو داود.
(٥)(ورميهم بالمنجنيق) نص عليه، لأنه عليه الصلاة والسلام نصب المنجنيق على أهل الطائف رواه الترمذي مرسلًا.