من مال المصالح (١) وإن جعل له امرأة منهم أو رجلًا مثل أن يقول بنت فلان من أهل الحصن وماتت قبل الفتح أو بعده أو لم يفتح أو فتح ولم توجد فلا شيء له، وإن فتحت صلحًا ولم تشترط الجارية فله قيمتها (٢) فإن أبي إلا الجارية فكذلك، وقيل بفسخ الصلح، كل موضع أوجبنا القيمة ولم يغنم شيئًا فمن بيت المال. ويباح للرجل المسلم الشجاع طلب المبارزة ابتداء ولا يستحب، فإن انهزم المسلم أو أثخن بالجراح جاز لكل مسلم الدفع عنه والرمى (٣) وتجوز الخدعة (٤) في الحرب (٥) وإن قتله المسلم أو اثخنه فله سلبه غير مخموس: كل من قتل قتيلًا حال الحرب منهمكًا على القتال أي مجدًا فيه وغرر بنفسه في قتله فله سلبه. وإن انهزم الكفار
كلهم فيدرك إنسانًا منهزمًا فيقتله فلا سلب له، وإن قتله اثنان فسلبه غنيمة (٦) والسلب ما كان عليه من ثياب وحلى وسلاح قل أو كثر، والدابة التي يقاتل عليها بآلتها من السلب إذا قتل وهو عليها (٧) وعنه أن الدابة ليست من السلب ونفقته ورحله وخيمته غنيمة. ويحرم السفر بالمصحف إلى أرض العدو ولا بأس بالنهدة في السفر، ومعناه أن يخرج كل واحد من الرفقة شيئًا من النفقة يدفعونه إلى رجل ينفق عليهم. ولو دخل قوم لا منعة لهم أو لهم منعة أو واحد ولو عبدًا ظاهرًا كان أو خفية دار الحرب بغير إذن الأمير فغنيمتهم فيء لعصيانهم، وعنه هي لهم بعد الخمس (٨) ومن أخذ من دار الحرب ولو بلا حاجة
(١)(من مال المصالح) من مال الفئ المعد للمصالح ليحصل الغرض مع عدم مخالفة النص.
(٢)(فله قيمتها) ويمضى الصلح، لأنه تعذر رد فعلها إليه مع بقائها فدفعت إليه القيمة، لأن المفسدة في فسخ الصلح أعظم ضررًا يعود على الجيش كله وربما تعدى إلى غيره من المسلمين، ومراعاة حق المسلمين بدفع الضرر الكثير عنهم أولى.
(٣)(والرمى) لأن المسلم إذا صار إلى هذه الحال فقد انقض القتال معه وزال الأمان، لأن حمزة وعليًا أعانا عبيدة بن الحارث على قتل شيبة حين أثخن عبيدة.
(٤)(وتجوز الخدعة) بفتح الخاء والدال وهي إرادة المكروه به من حيث لا يعلم.
(٥)(في الحرب) للمبارز وغيره، لحديث "الحرب خدعة" وروى أن عمرو بن عبدود لما بارز عليًا قال له على ما برزت لأقاتل اثنين، فالتفت عمرو فوثب عليه علي فضربه، فقال عمرو: خدعتني، فقال علي: الحرب خدعة.
(٦)(فسلبه غنيمة) هذا المذهب، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يشرك بين اثنين في سلب، وقال القاضي والآجري: هو لهما لعموم الحديث.
(٧)(وهو عليها) كالسرج واللجام، هذا المذهب، لحديث عوف بن مالك رواه الأثرم، لأن الدابة يستعان بها في الحرب كالسلاح.
(٨)(بعد الخمس) وهو قول أكثر أهل العلم منهم الشافعي، وقضى بذلك عمر بن عبد العزيز، واختاره القاضي وأصحابه والمصنف والشارح والناظم، والمذهب الأول.