وصبيان دخلوا دار الحرب فغنموا أخذ خمسه وما بقى لهم. ومن استعار فرسًا أو استأجره أو كان حبيسًا وشهد به الوقعة فله سهمه، ومن غصب فرسًا فقاتل عليه فسهم الفرس لمالكه.
(فصل) ثم يقسم باقي الغنيمة. ويحرم قول الإِمام من أخذ شيئًا فهو له ولا يستحقه (١) وقيل يجوز لمصلحة (٢) ويجوز تفضيل بعض الغانمين على بعض لغناء (٣) وإلا حرم، ولا تصح الإِجارة على الجهاد، ولو كان ممن لا يلزمه فيرد الأجرة وله سهمه أو رضخه، ومن أجر نفسه بعد أن غنموا على حفظ الغنيمة أو حملها أو سوق الدواب ورعيها أو أبيح له أخذ الأجرة على ذلك ولم يسقط من سهمه شيء. ومن مات بعد انقضاء الحرب فسهمه لوارثه (٤) ومن وطئ مطرية من المغنم قبل قسمة ممن له فيها حق أو لولده أدب ولم يبلغ به الحد (٥) وعليه مهرها يطرح في
المقسم. إلا أن تلد منه فيكون عليه قيمتها فقط (٦) وتصير أم ولد له والولد حر ثابت النسب، وقطع في المغنى وغيره كالشرح لا يعتق رجل قبل خبرة الإِمام (٧) ويحرم الغلول وهو كبيرة (٨) ولا يحرم سهمه وإن حرق رحله فإن تاب قبل القسمة رد ما أخذه في المقسم، وإن تاب بعدها أعطى الإِمام خمسة وتصدق ببقيته على مستحقه (٩) وليس بغال من سرق من الغنيمة وما أخذه
(١) (ولا يستحقه) لأن الغزاة اشتركوا في الغنيمة على سبيل التسوية، وتقدم.
(٢) (يجوز لمصلحة) لقوله عليه الصلاة والسلام يوم بدر "من أخذ شيئًا فهو له".
(٣) (لغناء) بفتح المعجمة: النفع على سبيل النفل.
(٤) (لوارثه) لاستحقاق الميت له بانقضاء الحرب ولو قبل إحراز الغنيمة، لقول عمر "الغنيمة لمن شهد الوقعة.
(٥) (ولم يبلغ به الحد) لأن له في الغنيمة ملكًا أو شبهة ملك فيدرأ عنه الحد.
(٦) (قيمتها فقط) دون مهرها وقيمة الولد لأنه ملكها حين علقت.
(٧) (الإِمام) لأن العباس عم النبي - صلى الله عليه وسلم - وعم علي وعقيلًا أخا علي كانا في أسرى بدر ولم يعتقا عليهما.
(٨) (كبيرة) للوعيد عليه، وهو كتمان ما غنمه أو بعضه.
(٩) (على مستحقه) وهذا قول الحسن والزهري ومالك والأوزاعي والليث، وقال الشافعي: لا أعرف للصدقة وجهًا وحديث الغال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "لا أقبله منك حتى تجئ به يوم القيامة" ولنا ما روي عن حوشب بن سيف قال "غزا الناس الروم وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فغل رجل مائة دينار، فلما قسمت الغنيمة وتفرق الناس ندم فأتى عبد الرحمن ليقبلها منه، فأبى عبد الرحمن وقال: تفرق الناس، فأتى معاوية فأبى أن يقبضها: فخرج وهو يبكى فمر على عبد الله بن الشاعر فأخبره فقال: انطلق إلى معاوية فأعطه خمسة وعشرين دينارًا وانظر إلى الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش، فإن الله يعلم أسماءهم ومكانهم، وإن الله يقبل التوبة عن عباده، فقال معاوية: أحسن" وقد قاله ابن مسعود في المال الذي لا يعرف صاحبه، ومعاوية ومن بعدهم، ولا يعرف لهم مخالف في عصرهم فيكون إجماعًا.