للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هي عقد على منفعة مباحة معلومة (١) تؤخذ شيئًا فشيئًا مدة معلومة من عين معلومة أو موصوفة في الذمة (٢) أو عمل معلوم (٣) بعوض معلوم (٤) ويستثنى من مدة معلومة ما فتح عنوة ولم يقسم فيما فعله عمر رضي الله عنه. وهي والمساقاة والمزارعة والعرايا والشفعة والكتابة ونحوها من الرخص المستقر حكمها على وفق القياس (٥) ولا

تصح إلا من جائز التصرف، وتنعقد بلفظ آجرت وما في معناها إضافة إلى العين نحو أجرتكها أو أكريتكها، وإلى النفع نحو أجرتك أو أكريتك نفع هذه الدابة، أو بلفظ بيع إضافة إلى النفع نحو بعتك نفعها أو سكنى الدار، قال الشيخ: التحقيق أن المتعاقدين إن عرفا المقصود انعقدت بأي لفظ كان من الألفاظ التي عرف بها المتعاقدان مقصودهما، وهذا عام في جميع العقود، فإن الشارع لم يحد حدًا لألفاظ العقود بل ذكرها مطلقة (٦) ولا تصح إلا بشروط ثلاثة: أحدها معرفة المنفعة إما بالعرف فإن كان لهما عرف أغنى عن تعيين النفع وصفته وينصرف الإِطلاق إليه، فإن كان عرف الدار السكنى واكتراها لها فله السكنى ووضع متاعه فيها ويترك فيها من الطعام ما جرت عادة الساكن به، ويستحق ماء البئر تبعًا للدار في الأصح قاله في المبدع، وله أن يأذن لأصحابه وأضيافه في الدخول والمبيت فيها، وليس له

(١) (معلومة) في قول أكثر أهل العلم، منهم أبو حنيفة ومالك أكثر الشافعية، وذكر بعضهم أن المعقود عليه العين.

(٢) (في الذمة) كأجرتك بعيرًا صفته كذا، ويستقصى صفته للحمل أو ركوب سنة مثلًا.

(٣) (أو عمل معلوم) أي الإجارة ضربان: أحدهما على عين معينة أو موصوفة في الذمة مدة معلومة، الثاني على عمل معلوم ويأتى موضحًا.

(٤) (بعوض معلوم) في الضربين، فعلمت أن المعقود عليه هو المنفعة لا العين خلافًا لأبى إسحق المروزي، لأن المنفعة هي التي تستوفى والأجرة مقابلتها، ولهذا تضمن دون العين. وإنما أضيف العقد إلى العين لأنها محل المنفعة ومنشؤها كما يضاف عقد المسافة إلى البستان والمعقود عليه الثمر والانتفاع تابع للمنفعة المعقود عليها.

(٥) (على وفق القياس) قال في الفروع: لأن من لم يخصص العلة لا يتصور عنه مخالفة قياس صحيح، ومن خصصها فإنما يكون الشئ خلاف القياس إذا كان المعنى المقتضى للحكم موجودًا فيه وتخلف الحكم عنه، وقال في المنتهى: على خلاف القياس إذ الشفعة انتزاع ملك الإنسان منه بغير رضاه، والكتابة يتحد فيها المشترى والمبيع والبقية فيها الغرر، والأصح لا، أي أنها على وفق القياس اهـ.

(٦) (بل ذكرها مطلقة) وكذا قال ابن القيم في أعلام الموقعين، وصححه في التصحيح والنظم.

<<  <  ج: ص:  >  >>