وقال الشيخ: هذه صيغ إنشاء (١) من حيث أنها تثبت الحكم وبها تم، وهي إخبار لدلالتها على المعنى الذي في النفس. وإن قال امرأتي طالق وأطلق النية طلق جميع نسائه (٢) ومعنى التديين أي دين مع نفي القبول ظاهرا كما قال الشيخ إن له الطلب وعليها الهرب (٣)، ولو قال لزوجته: كلما قلت لي شيئًا ولم أقل لك مثله فأنت طالق فقالت له أنت طالق بفتح الطاء أو كسرها فلم يقله (٤) أو قاله طلقت (٥) ولو قيل له أخليت امرأتك؟ فقال نعم فكناية. ولو قيل لنحوي ألم تطلق امرأتك؟ فقال نعم لم تطلق (٦) ولو لطم امرأته أو أطعمها أو سقاها وقال هذا طلاقك طلقت (٧) إلا أن ينوي أن هذا سبب طلاقك ونحوه قبل حكمًا.
وقال أكثر الفقهاء: لا يقع به طلاق وإن نوى، لأن هذا لا يؤدي معنى الطلاق (٨) وإن قال أنت طالق ولا شئ أو ليس بشئ أو لا يلزمك طلقت (٩) ولا يقع الطلاق بغير لفظ، فلو نواه بقلبه من غير لفظ لم
(١)(إنشاء) كسائر صيغ الفسوخ والعقود.
(٢)(جميع نسائه) على الصحيح من المذهب، لأنه مفرد مضاف فيعم، وكذا لو قال عبدى أو أمتي، واختار المصنف وصاحب الفائق أنه لا يطلق إلا واحدة، وتخرج بالقرعة.
(٣)(وعليها الهرب) وفي شرح المنهاج لزكرياء معنى دين كل إلى دينه فيما نواه فلا يقبل ظاهرًا لمخالقه مقتضى اللفظ، ويعمل بما نواه باطنًا إن كان صادقًا بأن يراجعها ويطلبها، ولها تمكينه إن ظنت صدقه بقرينة، وإن ظنت كذبة فلا.
(٤)(فلم يقله) طلقت لوجود الصفة.
(٥)(طلقت) لأنه واجهها بالطلاق، ووقع نحوها في زمن ابن جرير فأفتى بأنه لا يقع إذا علقه بأن قال لها أنت طالق ثلاثًا إن أنا طلقتك، وقال في الفروع: طلقت ولو علقه.
(٦)(لم تطلق) لأن نعم ليست جوابًا للنفي، تطلق امرأة غير النحوى لأنه لا يفرق بينهما في الجواب.
(٧)(طلقت) لأن هذا كناية في الطلاق إذا نواه به وقع ولا يقع من غير نية، نصره المصنف والشارح، وقال في المستوعب والبلغة: منصوص أحمد أنه يقع نواه أو لم ينوه، قال في الإنصاف: على الصحيح من المذهب.
(٨)(لا يؤدى معنى الطلاق) ولا هو سبب له، فعلى المذهب لو فسره بمحتمل غيره قبل. قاله ابن حامد والزكشى.
(٩)(طلقت) هذا المذهب، لأن هذا رفع لجميع ما أوقعه فلم يصح كاستغناء الجميع، وهذا مذهب الشافعي ولا نعلم فيه مخالفًا.