(فصل) ولا يستوفى إلا بحضرة سلطان، فإن استوفاه من غير حضرة سلطان وقع الموقع (١) ويحتمل أن يجوز الاستيفاء بغير حضور السلطان إذا كان القصاص في النفس (٢) وينظر إلى الولي فإن ادعى المعرفة ويقدر عليه أمكنه منه فإن ضرب عنقه
فأبانه فقد استوفى وإلا أمره بالتوكيل وإن احتاج إلى أجرة فمن مال الجاني (٣) ويخير الولي بين الاستيفاء بنفسه وبين التوكيل.
(فصل) ولا يستوفى القصاص في النفس إلا بالسيف في إحدى الروايتين (٤) والأخرى يفعل به كما فعل (٥) ويدخل قود الطرف قبل برئه في قود النفس وكفى قتله، وإن قطع يده من مفصل أو غيره أو أوضحه فمات فعل به كفعله فإن مات وإلا ضربت عنقه (٦) وإن قتله بمحرم لعينه كتجريع خمر ولواط قتل بالسيف رواية واحدة،
ولا يجوز في طرف إلا بسكين لئلا يحيف وإن زاد في الاستيفاء من الطرف فحكمه حكم الابتداء فعليه القصاص في الزيادة عمدًا إلا أن يكون ذلك بسبب الجاني فلا شيء على المقتص
(١)(الموقع) ويعزر لافتئاته بفعل ما منع فعله.
(٢)(في النفس) اختاره الشيخ لأن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل يقوده بتسعة فقال إن هذا قتل أخى فاعترف بقتله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اذهب فاقتله. رواه مسلم.
(٣)(الجاني) لأنها أجرة لإِيفاء ما عليه من الحقوق فكانت لازمة كأجرة الكيال، وذكر بعض أصحابنا أنه يرزق رجل من بيت المال يستوفى الحدود والقصاص.
(٤)(في إحدى الروايتين) هذا المذهب وبه قال عطاء والثوري وأبو يوسف ومحمد لأن القصد من القصاص في النفس تعطيل الجملة وإتلافها، وقد أمكن هذا بضرب العنق.
(٥)(فعل) وبه قال عمر بن عبد العزيز ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأبو ثور واختاره الشيخ وقال هذا أشبه بالكتاب والسنة والعدل لقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} وقوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رض رأس اليهودي لرضه رأس الجارية الأنصارية بين حجرين، ولأن الله قال:{وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} والأولى تقديم هذه على الرواية الأولى.
(٦)(عنقه) في هذه المسألة طريقان أحدهما أن فيها الروايتين المتقدمتين. والطريق الثاني أن يقتل هنا ولا يزاد على ذلك رواية واحدة وهو قول أبي بكر والقاضي وهو الصحيح من المذهب.