للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مدة حبسه من بيت المال ليدفع ضرره. ومن مات من التعزير لم يضمن (١) وقال القاضي بل المذهب أنه لا يزاد على عشر جلدات اتباعًا للأثر إلا في

وطء جارية امرأته (٢) وفى الجارية المشتركة، وقال مالك يجوز أن يزاد التعزير على الحد إذا رأى الإِمام (٣).

(فصل) ولا يجوز للجذماء مخالطة الأصحاء ولا مخالطة أحد معين إلا بإذنه، وعلى ولاة الأمور منعهم من مخالطة الأصحاء (٤) وجوز بن عقيل قتل مسلم جاسوس للكفار، وعند القاضي يعنف ذو الهيئة ويعزر غيره. ومن دعا عليه ظلمًا فله أن يدعو على ظالمه بمثل ما دعا به عليه (٥) ولو افترى عليه الكذب لم يكن له أن

(١) (لم يضمن) لأنه مأذون فيه شرعًا وبهذا قال مالك وأبو حنيفة، وقال الشافعي يضمنه لقول علي "ما كنت لأقيم حدًا فيموت فأجد في نفسي إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسنه" ولنا أنها عقوبة مشروعة للردع والزجر فلم يضمن ما تلف بها كالحد، وأما قول علي في دية من قتله حد الخمر فقد خالفه غيره من الصحابة فلم يوجبوا شيئًا به ولم يعمل به الشافعي ولا غيره من الفقهاء فكيف يحتج به مع ترك الجميع له.

(٢) (جارية امرأته الخ) لحديث النعمان ولحديث عمر، وأما غيرهما فيبقى على العموم لحديث أبي بردة، وهذا قول حسن.

(٣) (الإمام) لما روى أن معن بن زائدة عمل خاتمًا على نقش خاتم بيت المال ثم جاء به صاحب بيت المال فأخذ منه مالًا فبلغ عمر فضربه مائة وحبسه فكلم فيه فضربه مائة أخرى فكلم فيه من بعد فضربه مائة ونفاه، وروى أحمد بإسناده أن عليًا أتى بالنجاشي قد شرب خمرًا في رمضان فضربه ثمانين الحد وعشرين سوطًا لفطره في رمضان. وروي أن أبا الأسود استخلفه ابن عباس على قضاء البصرة فأتى بسارق قد جمع المتاع في البيت ولم يخرجه فقال أبو الأسود: أعجلتم المسكين، فضربه خمسة وعشرين سوطًا وخلى سبيله. ولنا حديث أبي بردة وهو صحيح متفق عليه ولأن العقوبة على قدر الإِجرام والمعصية، والمعاصي المنصوص على حد ردها أعظم من غيرها فلا يجوز أن يبلغ في أهون الأمرين عقوبة أعظمها، ومن الدليل على ذلك ضرب عمر الذي وطيء الجارية مائة إلا سوطًا.

(٤) (الأصحاء) بأن يسكنوا في مكان مفرد لهم ونحو ذلك، وإذا امتنع ولى الأمر من ذلك أو المجذوم أثم وإذا أصر على ترك الواجب مع علمه به فسق قاله في الاختيارات وقال: كما جاءت به سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكما ذكر العلماء.

(٥) (بمثل ما دعا به عليه) أو رفعه إلى الحاكم ليعزره، وإذا كان ذنب الظالم إفساد دين المظلوم لم يكن له أن يفسد دينه ولكن له أن يدعو عليه بما يفسد به دينه.

<<  <  ج: ص:  >  >>