اختطفوه وهربوا فهم منتهبون لا قطع عليهم (١) ومن وجب عليه حد سوى المحاربين كالسرقة أو الزنا أو الشراب فتاب منه قبل توبته عند الحاكم سقط عنه بمجرد التوبة قبل إصلاح العمل (٢) وعنه لا
يسقط (٣)، ومن مات وعليه حد سقط عنه.
(فصل) ولا يلزم حفظ ماله عن الضياع والهلاك (٤) وكره أحمد أن يخرج إلى صيحة بالليل لأنه ما يدري ما يكون، قال في الفروع وظاهر كلام الأصحاب خلافه. وإذا وجد رجلًا يزني بامرأته فقتلهما فلا قصاص عليه ولا دية (٥) إلا أن تكون المرأة مكرهة فعليه القصاص. ويلزمه الدفع عن نفس غيره (٦)
(١)(لا قطع عليهم) وكذلك إن خرج الواحد والاثنان على آخر قافلة فاستلبوا منها شيئًا لأنهم لا يرجعون إلى منعة وقوة، وإن خرجوا على عدد يسير فقهروهم فهم قطاع طريق.
(٢)(العمل) هذا المذهب وهو من المفردات لقوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا} وقال بعد ذكر السارق {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ} وقوله عليه السلام "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" ومن لا ذنب له لا حد عليه. وقال في حق ماعز لما أخبر بهربه "هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه" ولأنه خالص حق الله فيسقط بالتوبة كحد المحاربين، فإن ثبت عند الحاكم لم يسقط بالتوبة لقوله عليه السلام "تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب" رواه أبو داود والنسائي، وعنه إن ثبت الحد ببينة لم يسقط.
(٣)(لا يسقط) وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحد قولي الشافعي لقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} وهو عام في التائب وغيره، ولأن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم ماعزا والغامدية وقد سمى فعلهما توبة، ولنا ما تقدم.
(٤)(والهلاك) على الصحيح من المذهب، وله بذل ماله. وذكر القاضي أنه أفضل وأن حنبلًا نقله.
(٥)(ولا دية) لما روي أن عمر رضي الله عنه بينما هو يتغدى يومًا إذ أقبل رجل يعدو ومعه سيف مجرد ملطخ بالدم حتى قعد مع عمر فجعل يأكل، وأقبل جماعة من الناس فقالوا يا أمير المؤمنين إن هذا قتل صاحبنا مع امرأته، فقال عمر ما يقول هؤلاء؟ قال ضرب الآخر فخذي امرأته بالسيف فإن كان بينهما أحد فقد قتله. فقال لهم عمر ما يقول؟ قالوا ضرب بسيفه فخذى امرأته فأصاب وسط الرجل فقطعه باثنين. فقال عمر إن عادوا فعد، رواه هشيم عن مغيرة عن إبراهيم أخرجه سعيد.
(٦)(الدفع عن نفس غيره) على الصحيح من المذهب، كإحيائه ببذل طعامه، واختار صاحب الرعاية يلزمه مع ظن سلامة الدافع وكذا ماله مع ظن سلامتهما، وأطلق الشيخ لزومه عن مال غيره.