للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أريدت نفسه

فالأولى في الفتنة ترك الدفع (١).

وإذا صال على إنسان صائل يريد نفسه أو ماله ظلمًا أو يريد امرأة ليفجر بها فلغير المصول عليه معونته في الدفع. ولو عرض اللصوص لقافلة جاز لغير أهل القافلة الدفع عنهم (٢) وإن عض يد إنسان عضًا محرمًا فانتزع يده من فيه فسقطت ثناياه ذهبت هدرًا (٣) وإن كان مباحًا (٤) فما سقطت من أصنانه ضمنه وكذلك الحكم فيما

إذا عضه في غير يده أو عمل به عملًا غير العض أفضى إلى تلف شيء من الفاعل لي يضمنه (٥) وإن نظر في بيته من خصاص الباب أو نقب في جدار ونحوه فرماه صاحب الدار بحصاة أو طعنه بعود فقلع عينه

(١) (ترك الدفع) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الفتنة "اجلس في بيتك فإن خفت أن يبهرك شعاع السيف فغط وجهك" أخرج معناه مسلم عن أبي ذر، وفى لفظ "فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل" وفي لفظ "كن كخير ابني آدم" ولأن عثمان رضي الله عنه لم يدفع عن نفسه وترك القتال مع إمكانه.

(٢) (الدفع عنهم) لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" وفي حديث "أن المؤمنين يتعاونون على القتال" ولأنه لولا التعاون لذهبت أموال الناس وأنفسهم لأن قطاع الطريق إذا انفردوا بأخذ مال الإنسان ولم يعنه غيره فإنهم يأخذون أموال الكل واحدًا واحدًا وكذلك غيرهم.

(٣) (هدرا) ولو بعنف "هذا المذهب وبه قال أبو حنيفة والشافعي لما روى يعلي بن أمية قال كان لي أجير قاتل رجلًا فعض أحدهما يد الآخر فانتزع المعضوض يده من في العاض فانتزع إحدى ثنيته فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأهدى ثنيته وقال "يدع يده في فيك تقضمها كما يقضم الفحل" متفق عليه. وروى عمرًا أن بن حصين أن رجلًا عض رجلًا فنزع يده من فيه فوقعت ثناياه فاختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال "يعض أحدكم يد أخيه كما يعض الفحل لا دية لك" رواه الجماعة إلا أبا داود.

(٤) (مباحًا) مثل أن يمسكه في موضع يتضرر بإمساكه أو يعصر يده ونحو ذلك مما لا يقدر على التخلص منه إلا بعضه فعضه.

(٥) (لم يضمنه) وقد روى محمد بن عبد الله أن غلامًا أخذ قمعًا من أقماع الزياتين فأدخله بين فخذي رجل ونفخ فيه فذعر الرجل من ذلك وخبط برجله فوقع على الغلام فكسر بعض أسنانه" فاختصموا إلى شريح فقال شريح: لا أعقل الكلب الهرار.

<<  <  ج: ص:  >  >>