بالذنوب ويكفرون عثمان وعليًا وطلحة والزبير كثيرًا من الصحابة ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم إلا من خرج معهم فظاهر قول المتأخرين من أصحابنا أنهم بغاة حكمهم حكمهم (١) وذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه وطائفة من أهل الحديث إلى أنهم كفار مرتدون حكمهم حكم المرتدين، قال في الترغيب والرعايتين: وهي أشهر، وذكر ابن حامد أنه لا خلاف
فيه (٢). وقال الشيخ أجمعوا أن كل طائفة ممتنعة من شرعية متواترة من شرائع الإِسلام يجب قتالها ليكون الدين كله لله كالمحاربين وأولى. وقال في الرافضة: شر من الخوارج. قال وفي قتل واحد منهما ونحوهما كفره روايتان، والصحيح جواز قتله كالداعية ونحوه. ولا يقاتل البغاة بما يعم إتلافه إلا لضرورة (٣) ولا يجاز لهم على جريح ولا يغنم لها مال ولا تسبى ذريتهم، فإن قتلوا من عندهم من أسرانا لم يجز قتل من عندنا (٤)، وحرم استعانة بكافر، وله أن يستعين عليهم بسلاحهم وكراعهم وهو خيلهم عند الضرورة فقط ولا يجوز في غير قتالهم (٥)، ومتى انقضى الحرب وجب رده إليهم (٦) وإذا انهزموا وتركوا القتال حرم قتلهم وقتل مدبرهم. ومن أتلف من الطائفتين شيئًا في غير الحرب ضمنه، وما أخذوا في حال امتناعهم من زكاة وخراج ونحوه لم يعد عليهم ولا على صاحبه (٧) ومن
(١)(حكمهم) وهذا قول أبي حنيفة والشافعي وجمهور الفقهاء كثير من أهل الحديث، وقال مالك يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا على فسادهم لا على كفرهم.
(٢)(فيه) لما روى أبو سعيد قال "سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: يخرج قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" رواه البخاري ومالك في موطئه، قال أحمد الخوارج كلاب النار صح الحديث فيهم من عشرة أوجه فعلى هذا يكون ما لهم فيئًا لا يرثهم وثتهم من المسلمين. وقال ابن المنذر: لا أعلم أحدًا وافق أهل الحديث على تكفيرهم.
(٣)(إلا لضرورة) كالمنجنيق والنار، إلا أن يفعلوه بنا فنقاتلهم بمثله.
(٤)(من عندنا) ولو كانت رهائن لقوله {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}.
(٥)(قتالهم) لأن الإسلام عصم أموالهم، وإنما أبيح قتالهم لردهم إلى الطاعة فيبقى المال على العصمة.
(٦)(رده إليهم) كسائر أموالهم، روي أن عليًّا يوم الجمل قال: من عرف شيئًا من ماله مع أحد فليأخذه، فعرف بعضهم قدرًا مع أصحاب علي وهو يطبخ فيها، فسأله إمهاله حتى ينضج، فأبى وكبه وأخذه.
(٧)(صاحبه) لوقوعه موقعه لأن عليًّا لما ظهر على أهل البصرة لم يطالبهم بشيء مما جباه أهل البغي، وكان ابن عمر وسلمة بن الأكوع يأتيهم ساعي نجدة الحروري فيدفعون إليه زكاتهم.