وأجمع أهل العلم على وجوب قتل المرتد (١) ولا يقتل المرتد إلا الإِمام أو نائبه فإن قتله غيره بغير إذنه أساء وعزر، ولا ضمان عليه سواء قتله قبل الإِستتابة أو بعدها، ولا يكفر بتركه شيئًا من العبادات تهاونًا (٢) وعنه يكفر بالجميع (٣) ولا يقتل رسول الكفار. وإن عقل الصبي الإِسلام صح إسلامه وردته (٤) وعنه يصح إسلامه دون ردته وهي أظهر، قال في المبدع تارك الشهادتين تهاونًا كافر (٥) ومن أطلق الشارع كفره كدعواه لغير أبيه كمن أتى عرافًا فصدقه بما يقول تشديد وكفر دون كفر لا يخرج
به عن الإِسلام وعنه يجب الوقوف ولا يقطع بأنه لا ينقل عن الملة (٦) ولا تقبل توبة الزنديق في الدنيا وهو المنافق (٧) والرواية
(١)(وجوب قتل المرتد) روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاذ وابن موسى وابن عباس وخالد رضي الله عنهم وغيرهم ولم ينكر فكان إجماعًا.
(٢)(تهاونًا) مع إقراره بوجوبها إذا عزم أن لا يفعلها أبدًا استتيب وجوبا فإن أصر قتل حدًا لا كفرًا.
(٣)(بالجميع) نقلها أبو بكر واختارها هو وابن عبدوس وعنه يختص الكفر بالصلاة وهو الصحيح من المذهب.
(٤)(وردته) لأن عليًّا أسلم صبيًا، قال عروة أسلم علي والزبير وهما ابنا ثمان سنين، وبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - الزبير لسبع سنين أو ثمان.
(٥)(كافر) بغير خلاف نعلمه في المذهب.
(٦)(عن الملة) وقال القاضي وجماعة في قوله "من أتى عرافًا الخ": وقد يكون على هذا إذا اعتقد تصديقهم بعد معرفته بتكذيب النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم كفر حقيقة اهـ، ومنهم من حمل ذلك على من فعله مستحلًا.
(٧)(المنافق) هذا إحدى الروايتين وهو المذهب، وبه قال مالك والليث وإسحق، وعن أبي حنيفة روايتان كهذين لقوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا} فالزنديق لا يظهر منه ما يتبين به رجوعه وتوبته لأنه كافر مظهر للإسلام مسر للكفر، فإذا أظهر التوبة لم يزد على ما كان منه قبلها وهو إظهار الإسلام.