أولادهما الذين ولدوا في دار الإِسلام، ومن لم يسلم منهم قتل (١) وإذا مات أبو الطفل أو الحمل في دارنا فهو مسلم (٢) ولكن الحمل لا يرث الكافر والطفل يرث لأنا لم نحكم بإسلامه إلا بعد موت مورثه، وعنه لا يحكم بإسلامه (٣).
(فصل) ويحرم تعلم السحر وتعليمه وفعله، وهو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه أو يعمل شيئًا يؤثر في بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له، وله حقيقة فمنه ما يقتل وما يمرض وما يأخذ الرجل عن امرأته فيمنعه وطأها أو يعقد المتزوج فلا يطيق وطأها، وقد اشتهر بين الناس وجود عقد الرجل عن امرأته حين يتزوجها فلا يقدر على إتيانها وحل عقده فيقدر عليها بعد عجزه عنها حتى صار متواترًا لا يمكن جحده، وما كان مثل فعل لبيد بن الأعصم حين سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - في مشط (٤) ومشاطة أو يسحره حتى يهيم مع الوحش (٥) ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يحبب
(١)(قتل) هذا المذهب وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: إذا لحقت المرتدة بدار الحرب جاز استرقاقها لأن أبا بكر سبى نساء بني حنيفة واسترقهن وأم محمد بن الحنفية منهم، ولنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"من بدل دينه فاقتلوه" ولم ينقل أن الذين استرقهم أبو بكر كانوا أسلموا.
(٢)(مسلم) على الصحيح من المذهب وهو من المفردات، لأنه إذا مات أحدهما انقطعت التبعية فوجب إبقاؤه على الفطرة التي ولد عليها.
(٣)(بإسلامه) قال ابن القيم في أحكام الذمة وهو قول الجمهور وربما ادعى فيه إجماع معلوم متيقن واختاره شيخنا اهـ لأنه ثبت كفره تبعًا ولم يوجد منه إسلام ولا ممن هو تابع له فوجب إبقاؤه على ما كان عليه ولأنه لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن أحد من خلفائه أنه أجبر أحدًا من أهل الذمة على الإِسلام بموت أبيه مع أنه لم يخل زمنهم عن موت بعض أهل الذمة عن يتيم. ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" متفق عليه فجعل كفره بفعل أبويه فإذا مات أحدهما انقطعت التبعية ولأن المسألة مفروضة فيمن مات أبواه في دار الإِسلام وقضية الدار الحكم بإسلام أهلها.
(٤)(في مشط) بضم الميم وتميم تكسرها، ومشاطة بضم الميم. ما يسقط من الشعر عند مشطه. وروت عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سحر حتى إنه ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله.
(٥)(يهيم مع الوحش) وفى مغازي الأموي أن النجاشي دعا السواحر فنفخن في احليل عمارة بن الوليد فهام مع الوحش فلم يزل معها إلى إمارة عمر بن الخطاب فأمسكه إنسان قال خلني والإمت فلم يخله فمات من ساعته وبلغنا أن بعض الأمراء أخذ ساحرة إلى أن قالت ائتوني بخيوط وباب فأتوها به فجلست على الباب وجعلت تعقد فطار بها الباب فلم يقدروا عليها. فهذا وأمثاله مثل أن يعقد المتزوج هو السحر المختلف في حكم صاحبه.