أعصم اليهودي "، فبماذا قال في مشط ومشاطه، وجف طلعه ذكر في بئر ذوى أروان، فبعث من أخرجه وحل عقده، فكلما حل حل عقده، وجد لذلك خفة كأنما أنشط من عقال " قالوا: إن ذلك إن قلنا بصحته لكان يقدح في نبوته، وليس الأمر على ما ظنوه لما تقدم، ولأن تأثير السحر لم يكن في النبي - عليه السلام - من حيث ما هو نبي، وإنما كان في بدنه من حيث هو إنسان وبشر، وكما كان يأكل ويتغوط ويشرب ويمشي ويقعد ويغضب ويشتهي ويمرض ويصح من حيث هو بشر لا من حيث هو نبي، وإنما كان ذلك قادحا في النبوة لو وجد للسحر تأثير في أمر يرجع إلى النبوة، ثم كون النبي - عليه السلام - معصوما من الشيطان لا يقتضي أن لا يؤثر في بدنه ذلك تأثيراً صغيرا لا يقدح فيه من حيث ما هو نبي، فقد كأن تأثير ذلك في جزء من بدنه تأثيرا محسوسا لم يتعده إلى زوال عقله ولا إلي إفساد نفسه، كما أن جرحه وكسر ثناياه يوم أحد لم يقدح فيما ضمن الله له من عصمته، حيث قال:{وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}، وكما لا اعتداد بما يقع في الإسلام من ارتداد أهل بلد أو غلبة المشركين على بعض النواحي فيما ذكر من كمال الإسلام بقوله:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ومن أثبت كليات الحقائق بإثبات جزئياتها لم يسعفه في قياسه لدى التحصيل مقدمته ولا يثبت به في المقامات قدمه، وأما متصرفات لفظ السحر، فقد كثرت، وذاك إنه من حيث يتصور تارة دقته وتارة، حسنه وتارة فتنته، وتارة خبثه وشرارته استعمل في كل ذلك لفظه بحسب تصور كل واحد من ذلك، فسمي الشعبذة سحرا ومنه قوله:{سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ}، والكلام الرائق سحرا، ومنه قيل:(إن من البيان لسحرا)، والعين الفاتنة ساحرة، والعالم ساحرا، [وعلى ذلك حمل قوله:{وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ}، والفعل الدقيق سحرا] حتى قالت الأطباء: الطبيعة ساحرة، وسمي الغذاء