للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله في الخمرة المطبوخة، وهو معنى بديع وفيه دلالة على أنه كان حنفي المذهب:

خليليَّ قد طاب الشّراب المورَّد ... وقد عدت بعد النّسك والعود أحمد

فهاتا عقاراً في قميص زجاجةٍ ... كياقوتةٍ في درَّةٍ تتوقّد

يصوغ عليها الماء شبّاك فضّةٍ ... له حلقٌ بيضٌ تحلُّ وتعقد

وقتني من نار الجحيم بنفسها ... وذلك من إحسانها ليس يجحد وكان ابن المعتز شديد السمرة مسنون الوجه يخضب بالسواد.

ورأيت في بعض المجاميع أن عبد الله بن المعتز المذكور كان يقول (١) : أربعة من الشعراء سارت أسماؤهم بخلاف أفعالهم، فأبو العتاهية سار شعره بالزهد وكان على الإلحاد، وأبو نوّاس سار شعره باللواط وكان أزنى من قرد، وأبو حكيمة الكاتب سار شعره بالعنّة وكان أهب من تيس، ومحمد بن حازم سار شعره بالقناعة وكان أحرص من كلب.

وقد رويت لابن حازم خبراً يخالف حكاية ابن المعتز ويوافق شعره (٢) ، وذلك أنه كان جار سعيد بن حميد الكاتب الطوسي، فهجاه لأمر كان بينهما، فبلغ سعيداً هجوه، فأغضى عنه مع القدرة. ثم إن محمداً ساءت حاله فتحول عن جواره، فبلغ ابن حميد ذلك، فبعث إليه عشرة آلاف درهم وتخوت ثياب وفرساً بآلته ومملوكاً وجارية، وكتب إليه " ذو الأدب يحمله ظرفه على نعت الشيء بغير هيئته، وتبعثه قدرته على وصفه بخلاف (٣) حليته، ولم يكن ما شاع من هجائك فيَّ جارياً إلا هذا المجرى، وقد بلغني من سوء حالك وشدّة خلّتك ما لا غضاضة به عليك مع كبر همتك وعظم نفسك، ونحن شركاء فيما ملكنا ومتساوون فيما تحت أيدينا، وقد بعثت إليك بما جعلته وإن قلَّ: استفتاحاً لما


(١) انظر طبقات الشعراء: ٣٠٨ - ٣٠٩.
(٢) وردت هذه الحكاية أيضاً في طبقات الشعراء: ٣٠٩ وصدرها المؤلف بقوله: وذكر على خلاف ما وصفنا من حرصه وكلبه فعل العجيب ... الخ.
(٣) ر: بغير.

<<  <  ج: ص:  >  >>