للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فأذن من ساعتي بالرجوع ووصلني بعشرة آلاف درهم وردني إلى منزلي.

ولما رجع عبد الله إلى الشام ارتفع فوق سطح قصره فنظر إلى دخان يرتفع من جواره فقال: ما هذا الدخان فقيل: إن الجيران يخبزون، فقال: ان من اللؤم ان نقيم بمكان فنكلف جيرانه بالخبز، فاقصدوا الدور واكسروا التنانير واحضروا ما بها من رجل وامرأة، فأجرى على كل إنسان خبزه ولحمه وما يحتاج إليه، فسميت أيامه أيام الكفاية.

وكتب إليه وكيله أن دابة بعض الأضياف به نقبٌ، فوقّع: يجلب عليه وعلى مثله من بعد، بلا استشارة ولا استئذان] (١) .

ومن كلامه: سمن الكيس ونبل الذّكر لا يجتمعان في موضع واحد.

ورفعت إليه قصة مضمونها أن جماعة خرجوا إلى ظاهر البلد للتفرج، ومعهم صبي، فكتب على رأسها: ما السبيل على فتية خرجوا لمتنزّههم يقضون أوطارهم، على قدر أخطارهم، ولعل الغلام (٢) ابن أحدهم أو قرابة بعضهم.

وكان عبد الله قد تولى الشام مدة، والديار المصرية مدة، وفيه يقول بعض الشعراء وهو بمصر:

يقول أناسٌ إن مصراً بعيدة ... وما بعدت مصر وفيها ابن طاهر

وأبعد من مصر رجال تراهم ... بحضرتنا معروفهم غير حاضر

عن الخير موتى ما تبالي أزرتهم ... على طمع أم زرت أهل المقابر وتنسب هذه الأبيات إلى عوف بن محلّم الشيباني، والله أعلم.

وكان دخوله إليها سنة إحدى عشرة ومائتين، وخرج منها في أواخر هذه السنة فدخل بغداد في ذي القعدة منها، واستمر نوابه بمصر، وعزل عنها في سنة ثلاث عشرة ومائتين، ووليها أبو إسحاق ابن الرشيد وهو الملقب بالمعتصم. وذكر الفرغاني في تاريخه أن عبد الله بن طاهر وليها بعد عبيد الله بن السّريّ


(١) زيادة من ر.
(٢) ص: الصبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>