للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستة سوى عبد الله الونشريسي، ثم إنه رحل إلى أقصى المغرب، واجتمع بعبد المؤمن بعد ذلك، وتوجهوا جميعاً إلى مراكش وملكها يومئذ أبو الحسن علي بن يوسف بن تشافين - وقد سبق ذكر والده في ترجمة المعتمد بن عباد والمعتصم بن صمادح - وكان ملكاً عظيماً حليماً عادلاً متواضعاً، وكان بحضرته رجل يقال له مالك بن وهيب الأندلسي، وكان عالماً صالحاً، فشرع محمد في الإنكار على جاري عادته، حتى أنكر على ابنة الملك، وله في ذلك قصة يطول شرحها (١) .

وبلغ الملك خبره وانه يتحدث (٢) في تغيير الدولة، فتحدث مالك بن وهيب في أمره، وقال: نخاف من فتح باب يعسر علينا سده، والرأي أن يحضر هذا المختص وأصحابه لنسمع كلامهم بحضور جماعة من علماء البلد، فأجاب الملك إلى ذلك، وكان محمد وأصحابه مقيمين في مسجد خراب خارج البلد، فطلبوهم، فلما ضمهم المجلس قال الملك لعلماء بلده: سلوا هذا الرجل ما ينبغي منا، فانتدب له قاضي المرية واسمه محمد بن أسود (٣) فقال: ما هذا الذي يذكر عنك من الأقوال في حق الملك العادل الحليم المنقاد إلى الحق المؤثر طاعة الله تعالى على هواه، فقال له محمد: أما ما نقل عني فقد قلتها ولي من ورائه أقوال، وأما قولك إنه يؤثر طاعة الله تعالى على هواه وينقاد إلى الحق فقد حضر اعتبار


(١) لعلها القضية التي وردت في مج إذ جاء النص فيها كالآتي: ((وتوجهوا جميعاً إلى مراكش دار مملكة أمير المسلمين علي بن يوسف بن تاشفين وقد سبق ذكر والده في ترجمة المعتمد بن عباد والمعتصم بن صمادح فرأى فيها من المنكرات أكثر مما عاينه في طريقه، فزاد في أمره بالمعروف ونهيه عن المنكرات فكثر اتباعه وحسنت ظنون الناس فيه، فبينما هو في بعض الأيام في طريقه إذ رأى أخت المسلمين في موكبها ومعها من الجواري الحسان كثير وهن مسفرات، وكانت هذه عادة الملثمين، تسفر نساؤهم وجوههن وتتلثم الرجال، فأنكر على النساء وأمرهن بستر وجوههن وصرف هو وأصحابه دوابهن، فسقطت أخت أمير المسلمين عن دابتها فرفع أمره إلى أمير المسلمين فأحضره وأحضر الفقهاء ليناظروه فأخذ يعظه ويذكره ويخوفه فبكى أمير المسلمين، وأمر أن يناظره الفقهاء فلم يكن فيهم من يقوم له القوة ايمانه في الذي فعله، وكان عند المسلمين ما لك ابن وهيب وكان كثير الاجتراء على الملك ... الخ.
(٢) ن ر ق بر من: تحدث.
(٣) المختار: محمد بن سواد.

<<  <  ج: ص:  >  >>