للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، وثلثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون عند بابه، ويجري من مال الأوقاف المرصدة له لكل طائفة من هؤلاء رزق معلوم.

وكان بين المسلمين وبين القلعة التي فيها الصنم مسيرة شهر في مفازة موصوفة بقلة المياه وصعوبة المسالك واستيلاء الرمل على طرقها، فسار إليها السلطان محمود في ثلاثين ألف فارس جريدة مختارة من بين عدد كثير، وأنفق عليهم من الأموال ما لا يحصى؛ فلما وصلوا إلى القلعة وجدوها حصناً منيعاً وفتحوها في ثلاثة أيام، ودخلوا بيت الصنم وحوله من الأصنام الذهب المرصع بأصناف الجوهر عدة كثيرة (١) محيطة بعرشه، يزعمون أنها الملائكة، وأحرق المسلمون الصنم المذكور فوجدوا في أذنه نيفاً وثلثين حلقة، فسألهم محمود عن معنى ذلك فقالوا: كل حلقة عبادة ألف سنة، وكانوا يقولون بقدم العالم ويزعمون أن هذا الصنم يعبد منذ أكثر من ثلاثين ألف سنة، وكلما عبدوه ألف سنة علقوا في أذنه حلقة، وبالجملة فإن شرح ذلك يطول.

وذكر شيخنا ابن الأثير في تاريخه أن بعض الملوك بقلاع الهند أهدى له هدايا كثيرة من جملتها طائر على هيئة القمري، من خاصيته أنه إذا حضر الطعام وفيه سم دمعت عينا هذا الطائر وجرى منها ماء وتحجر؛ فإذا حك (٢) ووضع على الجراحات الواسعة لحمها، ذكر ذلك في سنة أربع عشرة وأربعمائة.

وقد جمع سيرته أبو النصر محمد بن عبد الجبار العتبي الفاضل المعروف في كتاب سماه " اليميني " وهو مشهور، وذكر في أوله أن السلطان المذكور ملك الشرق بجنبيه، والصدر من العالم ويديه، لانتظام الإقليم الرابع بما يليه من الثالث والخامس في حوزة ملكه وحصول ممالكها الفسيحة وولايتها (٣) العريضة في قبضة ملكه، ومصير أمرائها وذوي الأ لقاب الملوكية من عظمائها تحت حمايته وجبايته، واسدرائهم من آفات الزمان بظل ولايته ورعايته، وإذعان ملوك الأرض لعزته، وارتياعهم بفائض (٤) هيبته، واحتراسهم - على تقاذف الديار


(١) ق: عدد كثير.
(٢) ق: حل، ر: خط.
(٣) ن: وولايتها؛ لي: وولاتها.
(٤) ق: من فائض.

<<  <  ج: ص:  >  >>