للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أحواله، وإن كان شرحها يطول.

وكان أبو الحسن علي المعروف بابن يونس المنجم قد صنع له الزيج المشهور المعروف بالحاكمي، وهو زيج كبير مبسوط.

ونقلت من خط الحافظ أبي أحمد بن محمد السلفي، رحمه الله تعالى، أن الحاكم المذكور كان جالساً في مجلسه العام وهو حفل بأعيان دولته، فقرأبعض الحاضرين قوله تعالى " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون فيأنفسهم حرجا مماقضيت ويسلموا تسليما) " النساء:٦٥ والقارىء في أثناء ذلك يشير إلى الحاكم، فلما فرغ من القراءة قرأ شخص آخر يعرف بابن المشجر وكان رجلاً صالحاً " يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له، إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له، وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب، ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز " الحج:٧٣ فلما أنهى (١) قراءته تغير وجه الحاكم، ثم أمر لابن المشجر المذكور بمائة دينار، ولم يطلق للآخر شيئاً؛ ثم إن بعض أصحاب المشجر قال له: أنت تعرف خلق الحاكم، وكثرة استحالاته، وما نأمن أن يحقد عليك، وأنه لا يؤاخذك في هذا الوقت ثم يؤاخذك بعد هذا فتتأذى معه، ومن المصلحة عندي أن تغيب عنه، فتجهز ابن المشجرللحج، وركب في البحر فغرق، فرآه صاحبه في النوم، فسأله عن حاله، فقال: ما أقصر الربان معنا أرسى بنا على باب الجنة، رحمه الله تعالى؛ وذلك ببركة جميل نيته (٢) وحسن قصده.

[ومن أخبار المستطرفة التي تدخل في أبواب الفرج بعد الشدة ما حدث به الرؤساء أن ولي الدولة ابن خيران استحضره الحاكم ذات يوم وقال له: يا ولي الدولة، إني أريد أن أزوج مملوكي فلاناً على جاريتي فلانة بعد عتقهما وكذلك آخر لأخرى فخذ هاتين الشقتين واخطب فيهما خطبتين حسنتين وانسق الصداق والمهر بعد ذلك ما تقتضيه صانعة الوراق، وبكر إلينا من الفجر


(١) ق: أنهى القاريء.
(٢) ق ن: ببركة نيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>