للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله عزوجل، فسقوا حتى رووا.

ثم خرج موسى غازياً، وتتبع البربر وقتل فيهم قتلاً ذريعاً، وسبى سبياً عظيماً، وسار حتى انتهى إلى السوس الأدنى لا يدافعه أحد. فلما رأى بقية البربر ما نزل بهم استأمنوا وبذلوا له الطاعة فقبل منهم، وولى عليهم والياً، واستعمل على طنجة وأعمالها مولاه طارق بن زياد البربري، ويقال إنه من الصدف، وترك عنده تسعة عشر ألف فارس من البربر بالأسلحة والعدد الكاملة، وكانوا قد أسموا وحسن إسلامهم، وترك موسى عندهم خلقاً يسيراً من العرب لتعليم القرآن وفرائض الإسلام، ورجع إلى إفريقية، ولم يبق بالبلاد من ينازعه من البربر ولا من الروم.

فلما استقرت له القواعد كتب إلى طارق وهو بطنجة يأمره بغزو بلاد الأندلس في جيش من البربر ليس فيه من العرب إلا قدر يسير، فامتثل طارق أمره، وركب البحر (١) من سبتة إلى الجزيرة الخضراء من بر الأندلس، وصعد إلى جبل يعرف اليوم بجبل طارق لأنه نسب إليه لما حصل عليه، وكان صعوده إليه يوم الاثنين لخمس خلون من رجب سنة اثنتين وتسعين للهجرة في اثني عشر ألف فارس من البربر خلا اثني عشر رجلاً.

وذكر عن طارق أنه كان نائماً في المركب وقت التعدية، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة رضي الله عنهم يمشون على الماء، حتى مروا به فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح؛ وأمره بالرفق بالمسلمين والوفاء بالعهد، ذكر ذلك ابن بشكوال - المقدم ذكره في حرف الخاء - في تاريخ الأندلس.

وكان صاحب طليطلة ومعظم بلاد الأندلس ملك يقال له لذريق (٢) . ولما احتل (٣) طارق بالجبل المذكور كتب إلى موسى بن نصير: إني فعلت ما أمرتني به، وسهل الله سبحانه وتعالى بالدخول. فلما وصل كتابه إلى نوسى بدم على تأخره،


(١) زاد في ر: في من معه.
(٢) ق: الذريق؛ صف: أزريق؛ لي: لذريس.
(٣) لي بر من: صار، ق ص: أحفل.

<<  <  ج: ص:  >  >>