للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان بها [في تلك المنزلة التي رحل منها] (١) .

وله بيتان ضمنهما بيت المتنبي وأحسن فيهما، وهما:

إذا ما سقاني ريقه وهو باسم ... " تذكرت ما بين العذيب وبارق "

ويذكرني من قده ومدامعي ... " مجر عوالينا ومجرى السوابق " وهذا المعنى للمتنبي في أول قصيدة بديعة طويلة، وهي:

تذكرت ما بين العذيب وبارق ... مجر عوالينا ومجرى السوابق وكانت بينه وبين بهاء الدين زهير - المقدم ذكره في حرف الزاي - صحبة قديمة من زمن الصبا، وإقامتهما ببلاد الصعيد، حتى كانا كالأخوين، وليس بينهما فرق في أمور الدنيا، ثم اتصلا بخدمة الملك الصالح وهما على تلك المودة، وبينهما مكاتبات بالأشعار فيما يجري لهما، فأخبرني بهاء الدين زهير أن جمال الدين ابن مطروح كتب إليه بعض الأيام يطلب منه درج ورق، وكان قد ضاق به الوقت، وأظنهما كانا ببلاد الشرق معاً (٢) :

أفلست يا سيدي من الورق ... فجد بدرج كعرضك اليقق

وإن أتى بالمداد مقترناً ... فمرحباً بالخدود والحدق قال بهاء الدين زهير، وقد فتح الراء من " الورق " وكسرها تنبيهاً على حاله، فكتبت إليه:

مولاي سيرت ما رسمت به ... وهو يسير المداد والورق

وعز عندي تسيير ذاك وقد ... شبهته بالخدود والحدق (٣)


(١) سقط من ر ع ق.
(٢) قد مر هذا في ترجمة البهازهير ١: ٣٣٦ - ٣٣٧ وهو مما انفردت به ر د ولم يرد في المسودة وهاهو المؤلف يورده هنا.
(٣) علق صاحب المختار بعد هذا بقوله: " قلت، أعني كاتبها موسى بن أحمد، لطف الله به: لو اقتصر ابن مطروح في بيته الثاني منهما على التشبيه بالحدق فقط لكان كافياً محصلاً للمقصود؛ وقد ألم بهذا المعنى الجمال ابن عبد الشاعر - المقدم ذكره - في بيتين كتبهما إلى والدي، قدس الله روحه، وهما بالديار المصرية، وهما:
إذا ما اشتقت يوماً أن اراكم ... وحال البعد بينكم وبيني
بعثت لكم سواداً في بياض ... لأنظركم بشيء مثل عيني والله أعلم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>