وقد سبق في ترجمة بهاء الدين ذكر بيتين كتبهما ابن مطروح إلى بهاء الدين وذكرت السبب في نظم ذينك البيتين على ما حكاه لي بهاء الدين، ثم بعد ذلك وصل إلى الديار المصرية من الموصل بعض الأدباء وجرى حديث ما ذكره لي بهاء الدين زهير وأنه أنشدني بيت ابن الحلاوي وهو قوله:
تجيزها وتجيز المادحين (١) بها ... فقل لنا أزهير أنت أم هرم فقال ذلك الأديب: هذه القصيدة أنشدنيها ناظمها ابن الحلاوي ونحن بالموصل، وأروي عنه هذا البيت على خلاف هذه الرواية فإنه أنشدني:
تجيدها ثم تجدو من أتاك بها ... فقل لنا أزهير أنت أم هرم فما أدري: هل ابن الحلاوي أنشدها أولاً كما رواه بهاء الدين زهير ثم غير البيت كما رواه هذا الأديب أم حصل الغلط لأحدهما والله تعالى أعلم، مع أن كل واحد من الطريقين حسن.
وقصة زهير بن أبي سلمى المزني الشاعر الجاهلي المشهور معلومة فلا حاجة إلى شرحها والخروج عما نحن بصدده، فإنه كان يمدح هرم بن سنان المري أحد أمراء العرب في الجاهلية، وكان هرم كثير العطاء له، حتى آلى على نفسه أنه لا يسلم عليه زهير إلا أعطاه غرة من ماله فرساً أو بعيراً أو عبداً أو أمة، فأجحف ذلك بهرم، فجعل زهير يمر بالجماعة فيهم هرم فيقول: عموا صباحاً خلا هرماً، وخيركم تركت.