للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجاء الخبر بذلك إلى عبد المؤمن، فوصل إلى وهران، وسمى ذلك الموضع الذي فيه الرباط صلب الفتح، ومن ذلك الوقت نزل عبد المؤمن من الجبل إلى السهل. ثم توجه إلى تلمسان وهي مدينتان قديمة ومحدثة بينهما شوط فرس، ثم توجه إلى فاس فحاصرها، وأخذها في سنة أربعين وخمسمائة، ثم قصد مراكش في سنة إحدى وأربعين فحاصرها أحد عشر شهراً وفيها إسحاق بن علي وجماعة من مشايخ دولتهم قدموه بعد موت أبيه علي بن يوسف بن تاشفين نائباً عن أخيه تاشفين، فأخذها وقد بلغ القحط من أهلها الجهد، وأُخرج إليه اسحاق بن علي ومعه سير بن الحاج وكان من الشجعان وخواص دولتهم، وكانا مكتوفين، واسحاق دون البلوغ، فعزم عبد المؤمن أن يعفو عن إسحاق لصغر سنه فلم يوافقه خواصه، وكان لا يخالفهم، فخلى بينهم وبينهما فقتلوهما، ثم نزل عبد المؤمن في القصر، وذلك في سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وانقرضت دولة بني تاشفين.

قلت: وقد ذكرت في ترجمة المعتمد بن عباد أن يوسف بن تاشفين عاد إلى الأندلس في العام الثاني من وقعة الزلاقة، وذكرت ها هنا ما يدل على أنه ما عاد إليها، وإنما نوابه هم الذين أخذوا بلاد الأندلس له، فقد يعتقد الواقف على هذا الكتاب أن هذا متناقض، والعذر في هذا أنني وجدته في ترجمة ابن عباد على تلك الصورة ووجدته في هذه الترجمة على هذه الصورة، والله أعلم بالصواب.

ثم رأيت في كتاب " تذكير العاقل " تأليف أبي الحجاج يوسف البياسي أن ابن تاشفين لما جاز البحر قصد إشبيلية، فخرج ابن عباد إلى لقائه ومعه الضيافة والإقامة، ثم خرج من إشبيلية بقضه وقضيضه قاصداً بطليوس، وجرت الواقعة المذكورة، ثم عاد ابن تاشفين إلى بلاده، وان ابن عباد جاز البحر ومضى إليه في سنة إحدى وثمانين واستنجده على ما يجاوره من بلاد العدو، فأكرمه ابن تاشفين وأجابه إلى إنجاده، ثم عاد ابن عباد إلى بلاده واستعد للعدو، ولحقه ابن تاشفين في رجب من سنة إحدى وثمانين، ثم خرج الأذفونش في جيش كثيف، وكان ملوك الأندلس قد اجتمعوا عند

<<  <  ج: ص:  >  >>