للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السنة عند قرون حماة. ثم سار عقيب كسرتهم ونزل على حلب، وهي الدفعة الثانية، فصالحوه على أخذ المعرة وكفر طاب وبارين، ولما جرت هذه الوقعة كان سيف الدين غازي يحاصر أخاه عماد الدين زنكي صاحب سنجار، وعزم على أخذها منه، لأنه كان قد انتمى إلى صلاح الدين، وكان قد قارب أخذها، فلما بلغه الخبر وأن عسكره انكسر خاف أن يبلغ أخاه عماد الدين الخبر فيشتد أمره ويقوى جأشه، فراسله وصالحه. ثم سار من وقته إلى نصيبين واهتم بجمع العساكر والإنفاق فيها، وسار إلى البيرة وعبر الفرات، وخيم على الجانب الشامي، وراسل ابن عمه الصالح بن نور الدين صاحب حلب حتى تستقر له قاعدة يصل عليها، ثم إنه وصل إلى حلب وخرج الملك الصالح إلى لقائه، وأقام على حلب مدة وصعد قلعتها جريدة، ثم نزل وسار إلى تل السلطان - قلت: وهي منزلة بين حماة وحلب - قال: ومعه جمع كبير، وأرسل صلاح الدين إلى مصر طلب عسكرها، فوصل إليه، وسار به حتى نزل على قرون حماة (١) ، ثم تصافوا بكرة نهار الخميس العاشر من شوال سنة إحدى وسبعين، وجرى قتال عظيم وانكسرت مسيرة صلاح الدين بمظفر الدين بن زين الدين - قلت: هو صاحب إربل المقدم ذكره (٢) - قال: فإنه كان على ميمنة سيف الدين، فحمل صلاح الدين بنفسه فانكسر القوم، وأسر منهم جمعاً من كبار الأمراء فمن عليهم وأطلقهم، وعاد سيف الدين إلى حلب فأخذ منها خزائنه وسار حتى عبر الفرات وعاد إلى بلاده. ومنع صلاح الدين من تتبع القوم، ونزل في بقية ذلك اليوم في خيامهم، فإنهم تركوا أثقالهم وانهزموا، ففرق صلاح الدين الاصطبلات ووهب الخزائن وأعطى خيمة سيف الدين لابن أخيه عز الدين فرخشاه - قلت: هو ابن شاهان شاه بن أيوب، وهو أخو تقي الدين عمر صاحب حماة وفرخشاه صاحب بعلبك وهو والد الملك الأمجد بهرام شاه، صاحب بعلبك -.

قال: وسار إلى منبج فتسلمها، ثم سار إلى قلعة عزاز يحاصرها، وذلك


(١) في متن المسودة: على تل السلطان، وفي الحاشية: على قرون حماة.
(٢) انظر ج ٤: ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>