للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر النهار، فأخذ البلد دون القلعتين، وغنم الناس منه غنيمة عظيمة لأنه كان بلد التجار، وجدوا في أمر القلعتين بالقتال والنقوب حتى بلغ طول النقب ستين ذراعاً وعرضه أربعة أذرع، فلما رأى أهل القلعتين الغلبة لاذوا بطلب الأمان، وذلك في عشية يوم الجمعة الخامس والعشرين من الشهر، والتمسوا الصلح على سلامة نفوسهم وذراريهم ونسائهم وأموالهم، ما خلا الغلال والذخائر والسلاح وآلات الحرب، فأجابهم إلى ذلك، ورفع العلم الإسلامي عليها يوم السبت، وأقام عليها إلى يوم الأحد السابع والعشربن من الشهر.

فرحل عنها إلى صهيون، فنزل عليها يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من الشهر واجتهد في القتال، فأخذ البلد يوم الجمعة ثاني جمادة الآخرة، ثم تقدموا إلى القلعة، وصدقوا القتال، فلما عاينوا الهلاك طلبوا الأمان، فأجابهم إليه بحيث يؤخذ من الرجل عشرة دنانير ومن المرأة خمسة دنانير ومن كل صغير ديناران، الذكر والأنثى سواء. وأقام السلطان بهذه الجهة حتى أخذ عدة قلاع منها بلاطنس وغيرها من الحصون المنيعة المتعلقة بصهيون.

ثم رحل عنها وأتى بكاس وهي قلعة حصينة على العاصي ولها نهر يخرج من تحتها، وكان النزول عليها يوم الثلاثاء سادس جمادى الآخرة، وقاتلوها قتالاً شديداً إلى يوم الجمعة تاسع الشهر، ثم يسر الله فتحها عنوة، فقتل أكثر من بها وأسر الباقون، وغنم المسلمون جميع ما كان فيها، ولها قليعة تسمى الشغر، وهي في غاية المنعة يعبر إليها منها بجسر وليس عليها طريق، فسلطت المجانيق عليها من جميع الجوانب، ورأوا أنهم لا ناصر لهم فطلبوا الأمان، وذلك يوم الثلاثاء ثالث عشر الشهر، ثم سألوا المهلة ثلاثة أيام فأمهلوا، وكان تمام فتحها وصعود العلم السلطاني على قلتها يوم الجمعة سادس عشر الشهر.

ثم سار إلى برزيه، وهي من الحصون المنيعة في غاية القوة يضرب بها

<<  <  ج: ص:  >  >>