للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(٢٥) وأما ابن المقفع (١) فهو عبد الله ابن المقفع (٢) الكاتب المشهور بالبلاغة، صاحب الرسائل البديعة، وهو من أهل فارس، وكان مجوسياً فأسلم على يد عيسى بن علي عم السفاح والمنصور الخليفتين الأولين من خلفاء بني العباس، ثم كتب له واختص به. ومن كلامه " شربت من الخطب ريا، ولم أضبط لها رويا، فغاضت ثم فاضت، فلا هي هي نظاما، وليست غيرها كلاما ". وقال الهيثم ابن عدي: جاء ابن المقفع إلى عيسى بن علي فقال له: قد دخل الإسلام في قلبي، وأريد أن أسلم على يدك، فقال له عيسى: ليكن ذلك بمحضر من القواد ووجوه الناس، فإذا كان الغد فاحضر؛ ثم حضر طعام عيسى عشية ذلك اليوم، فجلس ابن المقفع يأكل ويزمزم على عادة المجوس، فقال له عيسى: أتزمزم وأنت على عزم الإسلام فقال: أكره أن أبيت على غير دين، فلما أصبح أسلم على يده.

وكان ابن المقفع مع فضله يتهم بالزندقة، فحكى الجاحظ أن ابن المقفع ومطيع بن إياس ويحيى بن زياد كانوا يتهمون في دينهم؛ قال بعضهم: فكيف نسي الجاحظ نفسه وكان المهدي بن المنصور الخليفة يقول: ما وجدت كتاب زندقة إلا وأصله ابن المقفع؛ وقال الأصمعي: صنف ابن المقفع المصنفات الحسان منها " الدرة اليتيمة " التي لم يصنف في فنها مثلها؛ وقال الأصمعي: قيل لابن المقفع: من أدبك فقال: نفسي، إذا رأيت من غيري حسناً أتيته وإن رأيت قبيحاً أبيته. واجتمع ابن المقفع بالخليل بن أحمد صاحب العروض، فلما افترقا قيل للخليل: كيف رايته فقال: علمه أكثر من عقله، وقيل لابن المقفع: كيف رأيت الخليل فقال: عقله أكثر من علمه. ويقال: إن ابن


(١) وضع وستنفيلد لهذه الترجمة رقماً.
(٢) ترجمة ابن المقفع في الجهشياري: ١٠٩ والفهرست: ١١٨ وابن أبي أصيبعة ١: ٣٠٨، وله ترجمة في أنساب الأشراف نشرها الدكتور محمد نجم بمجلة الأبحاث (بيروت ١٩٦٣) وقد كتبت عن ابن المقفع كتب عديدة منها لخليل مردم وعباس اقبال (بالفارسية) وعبد اللطيف حمزة وغفراني الخراساني، وفي الجزء الأول من ضحى الإسلام فصل عنه وكذلك لجبراييلي بحث (مضمن في كتاب من تاريخ الإلحاد في الإسلام) وبحث لكراوس (مضمن في كتاب التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية للكتور عبد الرحمن بدوي) وانظر بروكلمان (٣: ٩٢ - ١٠٢ من الترجمة العربية) .

<<  <  ج: ص:  >  >>