للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجيبه بأحسن عبارة وأجود بيان وأوفى معنى، فأعجب المنصور به، فأمر له بمال فتأخر عنه، ودعته الضرورة إلى استنجازه، فاجتاز ببيت عاتكة بنت عبد الله بن أبي سفيان (١) الأموي، فقال: يا أمير المؤمنين، هذا بيت عاتكة، الذي يقول فيه الأحوص بن محمد بن محمد الأنصاري (٢) :

يا بيت عاتكة الذي أتعزل ... حذر العدا وبه الفؤاد موكل

إني لأمنحك الصدود وإنني ... قسماً إليك مع الصدود لأميل ففكر المنصور في قوله، وقال: لم يخالف عادته بابتداء الإخبار دون الاستخبار غلا الأمر، وأقبل يردد القصيدة ويتصفحها شيئاً فشيئاً حتى انتهى إلى قوله فيها:

وأراك تفعل ما تقول وبعضهم ... مذق الحديث (٣) يقول ما لا يفعل فقال المنصور: يا ربيع، هل أوصلت إلى الرجل ما أمرنا له به قال: تأخر عنه لعلة ذكرها الربيع، فقال: عجله له مضاعفاً، وهذا ألطف تعريض من الرجل، وحسن فهم من المنصور (٤) .

[وكان يقول: من كلم الملوك في الحاجات في غير أوقاتها لم يظفر ببغيته، وما أشبه الحال في ذلك إلا بأوقات الصلاة، فإن الصلاة لا تقبل إلا فيها، فمن أراد خطاب الملوك فليختر لذلك الوقت المنجح الذي يصلح فيه ذكر ما أراد ليصح النجح، وإلا فلا] (٥) .

[وحكت فائقة بنت عبد الله أم عبد الواحد بن جعفر بن سليمان، قالت: كنا يوماً عند المهدي أمير المؤمنين، وكان قد خرج متنزهاً إلى الأنبار، إذ


(١) أج: بنت يزيد بن معاوية.
(٢) انظر الأغاني ٢١: ١٠٦ وما بعدها.
(٣) ر: اللسان.
(٤) هنا تنتهي ما في نسخة م، ولا زيادة سوى ذكر تاريخ وفاته وما ورد في آخر الترجمة عن جده وعن قطيعة الربيع.
(٥) ورد في د وحدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>